قدسية
ومكانة وحق الشهيد
من كتاب
الشهيد
لسماحة
الشيخ العلامة الشهيد مرتضى مطهري
قدسية
الشهيد
ثمة
كلمات لها في عرف البشرية عامه، وفي عرف
المسلمين خاصة قدسيه وعظمة واحترام .
العالم،
والفيلسوف، والمخترع ، والبطل، والمصلح،
والمجتهد، والأستاذ، والطالب والعابد،
والزاهد، والمؤمن، والمجاهد، والمهاجر،
والصدّيق، والآمر بالمعروف ،
والولّي،
والإمام، والنبيّ ... كلمات، بعضها مقرون
بالعظمة والاحترام لدن أبناء البشر عامه ..
وبعضها الآخر تحمل هذه الصفة عند المسلمين
خاصة .
ومن
الطبيعي أن اللفظ لا يحمل طابع القداسة
بنفسه، بل بما ينطوي عليه من معنى ..
جميع
المجتمعات البشرية تنظر بعين التقديس إلى
بعض المفاهيم مع اختلاف طفيف بينهما. وهذا
التقديس يرتبط بجوانب خاصة من نفسيه هذه
المجتمعات في حقل تقييمها للأمور غير
المادية.
وهذه
المسألة تحتاج إلى دراسة فلسفيه وإنسانية
معمقه لسنا بصددها الآن.
و"الشهيد"
كلمه لها في الإطار الإسلامي قداسة خاصة ..
والإنسان الذي يعيش المفاهيم الإسلامية
ينظر إلى هذه الكلمة وكأنها مؤطرة بهالة من
نور .
كلمة
الشهيد مقرونة بالقداسة والعظمة في جميع
أعراف المجموعات البشرية مع اختلاف بينهما
في الموازين والمقاييس، ولسنا بصدد الحديث
عن المفهوم غير الإسلامي لهذه الكلمة.
الشهيد
_ في المعايير الإسلامية_ هو الذي نال درجة
"الشهادة" أي الذي بذل نفسه، على طريق
الأهداف الإسلامية السامية، ومن أجل تحقيق
القيم الإنسانية الواقعية .
والإنسان
الشهيد في المفهوم الإسلامي يبلغ -بشهادته-
أسمى درجة يمكن أن يصلها الإنسان في مسيرته
التكاملية.
نستطيع
أن نفهم سبب قدسية كلمة "الشهيد" في
الإسلام وفي أنظار المسلمين من خلال الآيات
القرآنية الكريمة التي تتحدث عن الشهادة
والشهيد وكذلك من خلال ما وصلنا من
روايات
في هذا الحقل ..
مكانة
الشهيد
القرآن
الكريم يقول عن الشهيد:
"ولا
تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل
أحياء عند ربهم يرزقون"
(آل
عمران 169)
فالشهداء
-إذن- "أحياء" و"عند ربهم " يرزقون
... وما أعظمها من منزله!!
والسنة
تكثر من تشبيه المكانة السامية التي يمكن
أن ينالها إنسان في حياته بمكانة الشهيد ..
لأنها ذروة الرقي والتكامل في المسيرة
الإنسانية .. فالسائرون على طريق طلب العلم،
من أجل التعرف على الحقيقة، وطلبا لمرضاة
الله تعالى، لا بهدف الترفع والاتجار، هم
شهداء في مفهوم الروايات الإسلامية إن
توفّاهم الله على هذا الطريق.
وهذا
التشبيه يدل على علو مكانة طالب العلم
إضافة لما له من دلالة على أن الشهادة هي
الذروة في مسيرة الإنسان التكاملية .
ونظير
هذا التشبيه ورد بشأن الساعي على طريق
إدارة دفة اقتصاد عائلته، وبالتالي على
طريق إدارة اقتصاد مجتمعه .. في الحديث:
"الكاد
على عياله كالمجاهد في سبيل الله" ..
حق
الشهيد
كل
أولئك الذين خدموا البشرية بشكل من الأشكال
لهم حق على بني الإنسان، سواء أسدوا
خدماتهم عن طريق العلم أم الفكر أم الفلسفة
و الاختراع والاكتشاف أم الأخلاق والحكمة
العملية ...
لكن أحدا من
هؤلاء ليس له على البشرية حق كما ايد ... ومن
هنا فان ما يكنه أبناء البشر من تعاطف
وانشداد تجاه الشهداء يفوق ما يكنتئر خدمة
البشرية. ولماذا هذا التفوق
الدليل
واضح .. كل المجموعات التي أسدت خدمات إلى
البشرية مدينة للشهداء .. لكن الشهداء قلما
كانوا مدينين لهذه المجموعات العالم في
علمه .. والفيلسوف في فلسفته .. والمخترع في
اختراعه .. ومعلم الأخلاق في تعاليمه،
محتاجون إلى أجواء حرة مساعدة كي يقدموا
خدماتهم .. والشهيد بتضحياته هذه..
الشهيد
كالشمعة التي تحترق وت لتضئ.. الشهداء شموع
البشرية على طريقها.. ولولا هذه الشموع لما
استطاعت المسيرة البشرية أن تواصل طريقها،
ولما استطاع أبناء البشر في ظلمات
الاستعباد والاستبداد أن يمارسوا نشاطاتهم
ويقدموا خدماتهم الإ والله سبحانه يخاطب
نبيه ال قائلا:
"يا
أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا
ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا
منيرا "
(الأحزاب
44-45)
و(السراج
المنير) مفهوم يدل على الإضاءة، وينطوي على
معنى الاحتراق وإزالة دياجير الظلام
|