|
|
|
|
|
كوسوفا * تشكل كوسوفا الاجزاء الجنوبية من جمهورية يوغسلافيا السابقة (صربيا حاليا) حيث تبلغ مساحتها 11 الف كليومترا مربعا، توزعت عليها 1348 مدينة وقرية، ويبلغ عدد سكانها حوالى مليوني نسمة حسب آخر الاحصائيات (اواخر التسعينات) اغلبيتهم من المسلمين الالبان. وتشكل السهول والوديان 36.5% من الاراضي الكوسوفية، ومثل هذه النسبة من المرتفعات والجبال والغابات، اما المساحات الباقية فهي لحساب الانهار، واهمها : مبيلي دريم 112كم، وايبار 85 كلم، ونيكا 67 كم. * تجسد بريشتينا (عاصمة كوسوفا) ومدن اخرى، قضية التعدد في الهوية على الطبيعة. لكن ذلك التعدد يبقى محصورا في دائرة الاوراق الرسمية واللافتات ومؤسسات الادارة الحكومة اذا ما خارج المرء من العاصمة وطاف بمختلف القرى. في العاصمة وبعض المدن الصناعية ترى وجها يوغسلافيا وآخر البانيا او اسلاميا، بينما في القرى وفي المدن النائية لا ترى الا وجها البانيا واضح المعالم وغائر القسمات. * واذا كانت خريطة البلقان الحالية قد تشكلت في ضوء ما اسفر عنه صراع القوى والمصالح الذي تمثل في الحرب البلقانية عام 1912 واقرتها عصبة الامم بعد الحرب العالمية الاولى، الا ان ثمة خيوطا قديمة ودقيقة يتعين الامساك بها كي نقف على الخلفية الدرامية للقصة من البداية.ذلك ان احدث الدراسات الاثرية والتاريخية تشير الى ان هذه المنطقة الالبانية كانت مسكونة بالبشر منذ العصر الحجري، وان الاليريين الاوائل عاشوا في جبالها واحراشها منذ الفي سنة قبل الميلاد. حتى بسطت عليهم الامبراطورية الرومانية سلطتها، وحتى القرن الثاني عشر الميلادي تعاقب على حكمهم البيزنطيون والمقدونيون والصربيون. لكن صفحة جديدة بدأت في تاريخ المنطقة عندما طرق العثمانيون ابواب البلقان، في النصف الثاني من القرن الرابع عشر. * كانت الاندلس وقتئذ توشك ان تضيع من المسلمين، وربما خطر للسلطان العثماني ان تكون البلقان هي البديل الذي يعوض تلك الخسارة! ولم يكن ممكنا ان يتم النفاذ الى البلقان دون السيطرة على كوسوفا التي تعد موقعا حيويا عند مفترق الطرق المؤدية الى مختلف انحاء شبه الجزيرة. فتقدمت القوات العثمانية بقيادة السلطان مراد نحو كوسوفا في عام 1389، وهناك واجهت قوات التحالف البلقاني التي قادها ملك الصرب وانضوى تحت لوائها البلغار والالبان مع الصربيين. وفي كوسوفا دارت معركة شرسة انتصر فيها العثمانيون بينما قتل السلطان مراد وملك الصرب. ورغم الانتصار فان الجيوش التركية انسحبت سريعا من المنطقة لمهام اخرى، حتى ان نفوذ السلطان العثماني لم يعترف به في البانيا الا في سنة 1423. * خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، استطاع العثمانيون ان يبسطوا نفوذهم على منطقة البلقان، وان يعينوا ولاة يمثلون الاستانة في كل اقليم او «ايالة» عثمانية، وظلت البانيا ركيزة اساسية للحكم العثماني وبات رجالها الاشداء دعامة مهمة في جيوش الامبراطورية. لكن ثمة استدراكا هنا ينبغي الاشارة اليه وهو ان دخول الاسلام الى البلقان لم يرتبط بالفتح العثماني، كما يردد الكثيرون، ليعطوا انطباعا ان الاسلام دخل هذه المنطقة بحد السيف العثماني. ذلك انه من الثابت، ان بلاد العرب كانت الجسر الذي تعبر عليه تجارة الشرق الى الغرب، وانها كانت تنقل عبر موانىء الشام الى روما والبندقية على الساحل الاوروبي، الامر الذي فتح بابا واسعا للتعامل بين العرب والاوروبيين. وكانت جسور التجارة هذه هي القنوات التي نقلت الاسلام الى تلك المناطق. ويذكر ياقوت الحموي ان ملك البلغار واهلها قد اسلموا في ايام المقتدر بالله «295هـ/ 908 م» وارسلوا الى بغداد رسولا يعرفون المقتدر ذلك ويسألونه في انفاذ من يعلمهم الصلاة والشرائع. وثمة شاهد في كوسوفا يعزز فكرة وصول الاسلام الى البلقان قبل وصول الاتراك. ويتمثل هذا الشاهد في ضريح لواحد من الاولياء ، اسمه ساري سلطاكو يرقد جثمانه في مدخل مدينة ( بيا ).وايا ما كانت الروايات التي نسجت حول هذه الشخصية، فانها تتفق على ان ساري سلطاكو كان موجودا في تلك المنطقة قبل الفتح العثماني بعدة عشرات من السنين، وان الاسلام عرف طريقه الى البلقان قبل ان تظهر سيوف الاتراك وخيولهم على مشارف كوسوفا. * وقد دفعت البانيا وكوسوفا بوجه اخص ثمنا باهظا عندما آذنت شمس الامبراطورية العثمانية الى المغيب وبدا للجميع ان نجمها الذي سطع فوق البلقان على وشك لافول.فعندما تنامى سلطان الاتحاديين في تركيا وتصاعد معه الحس القومي في ارجاء الامبراطورية، سعى الالبان الى الاستقلال مع نهاية القرن التاسع عشر، خصوصا بعدما سرت الموجة في البلقان وصار لليونان ولاهل الجبل الاسود وللصربيين دول مستقلة، وبعد ان خلع البلغار تبعيتهم للسلطان. وقد حدث ما كان متوقعا واعلنت البانيا استقلالها في نوفمبر عام 1912 بينما حرب البلقان الشهيرة قد اشعل اوارها بين تلك الدول حديثة الاستقلال، الامر الذي ادى الى تمزيق البانيا واستيلاء جيرانها الطامعين فيها على اجزاء منها، فاحتلت مملكة صربيا اقليم كوسوفا، واقتطعت اجزاء منها لتضم الى اليونان ومقدونيا والجبل الاسود. وقد صادف قيام البانيا المستقلة نشوب الحرب العالمية الاولى، فاختلت امور البانيا اختلالا كبيراواصبحت ارضها نهبا للناهبين حتى احتلت الجيوش النمساوية والايطالية اجزاء منها. * وفي معاهدة لندن السرية التي عقدتها في عام 1915 الدول الكبرى آنذاك «ايطاليا وروسيا وفرنسا وانجلترا» اتفق على تقطيع اوصال تلك الدولة ذات الاغلبية المسلمة، فاطلقت فيها يد ايطاليا واتفق على تقسيم شمالي وجنوبي البانيا بين اليونان والصرب والجبل الاسود، بشرط ان يبقى للالبان وطن مستقل صغير تهيمن ايطاليا على علاقاته الخارجية .. لكن قيام حكومة قوية في العاصمة الالبانية تيرانا افسد ذلك المخطط واستطاعت تلك الحكومة لملمت شعث البلاد وتنقذ ما امكن انقاذه من اشلاء البانيا، باستثناء ما استقطع منها في الشمال والشمال الشرقي. * لم يكن هذا الجزء المستثنى سوى اقليم كوسوفا الذي احتلته مملكة صربيا. وحين انشئت عصبة الامم بعد الحرب العالمية الاولى، اعترفت بالوضع الذي كان لالبانيا بعد تقطيع اوصالها، مما كان يعني اعترافا بضم كوسوفا الى صربيا واضفاء الشرعية على عملية فصل ذلك الاقليم عن البانيا الام. وفي ظل الامم المتحدة التي انشئت بعد الحرب العالمية الثانية، فان المنظمة الدولية اقرت تلقائيا ما اعترفت به عصبة الامم لصربيا التي اصبحت تحمل اسم يوغسلافيا بضم اقليم كوسوفا الى اراضيها. * يسجل تاريخ البلقان مذابح دموية رهيبة شهدتها البانيا بعد عام 1912، راح ضحيتها الوف المسلمين والوف المسيحيين الارثوذكس الذين لم يغفر لهم الكاثوليك انتمائهم الى الكنيسة الشرقية. وازاء ذلك المشهد المأساوي، خرجت قوافل الالبان مهاجرة من الجحيم وباحثة عن ملاذ وملجأ. المسيحيون اتجهوا الى الغرب واستوطنوا في ايطاليا واليونان والولايات المتحدة الاميركية. بالنسبة للمسلمين كانت اسطنبول هي مقر الخلافة والقبلة السياسية لكل مسلمي العالم، وكانت دمشق هي «الشام الشريف» التي شاع بينهم منذ ان ارتد عنها الصليبيون والتتار انها مدينة محروسة بالانبياء ومستعصية على سلطان الكفار، الامر الذي يمكنهم من العيش فيها بأمان، (لايزال في دمشق الى الآن حي المهاجرين الذي استوعب افواجهم منذ ذلك الوقت). وكانت مصر ركيزة ثالثة باعتبار وجود جالية البانية بها منذ تولى الحكم فيها محمد علي باشا الالباني الاصل في بداية القرن التاسع عشر واسس الاسرة المالكة التي زالت بقيام ثورة يوليو 1952. * ومثلما كانت مذابح عام 1912 بداية رحلة الشتات في التاريخ الالباني الحديث فانها ايضا كانت بداية رحلة الاحزان بالنسبة للذين بقوا في كوسوفا وقدر لهم ان يعيشوا غرباء تحت حكم الملكية اليوغسلافية. فقد عومل مسلمو كوسوفا باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، والذين عاصروا تلك المرحلة، لايزالون يذكرون كيف حرموا من كل شيء، من التعليم ومن الوظائف الحكومية ومن أي خدمات كانت تقدمها الدولة، حتى لغتهم الالبانية منعوا من استخدامها. كانت الادارةاليوغسلافية تعلن على الجميع ان المسلمين ليس لهم مكان في كوسوفا، وان مكانهم الطبيعي هو في تركيا حيث الخلافة والقيادة الاسلامية. وترجم هذا الموقف في اتفاقية رسمية وقعت بين البلدين في عام 1937 ـ أي حتى بعد سقوط الخلافة والغائها ـ تقضي بتهجير الالبانيين من كوسوفا الى تركيا نظير مبلغ من المال. ولكن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون تنفيذ تلك الاتفاقية، وان لم يمنع من استمرار سياسة التهجير التي كانت تنشط وتهدأ تبعا للظروف. * رغم ان نتقال يوغسلافيا من الملكية الى الجمهورية بعد الحرب العالمية الثانية كان يمثل انقلابا شاملا في مختلف نواحي الحياة وانتقالا من النظام الملكي الاقطاعي والرأسمالي الى النظام الاشتراكي والشيوعي، فان هذا الانقلاب لم يغير من اوضاع مسلمي كوسوفا شيئا. فقد ظل مسلمون كوسوفا في حقيقة الامر عنصرا غير مرغوب في استمراره وظل الاتجاه العام هو تهجير هؤلاء المسلمين الى تركيا، حتى شهدت الخمسينات حملة تهجير واسعة النطاق لم تمانع الحكومة التركية في قبولها، وان اشترطت على كل مهاجر ان يوقع اقرارا بانه تركي الاصل حتى لا يطالب باية حقوق باعتباره البانيا. وبسبب تلك الملابسات التعيسة فقد ظلت كوسوفا حتى الخمسينات بؤرة للتخلف والجهل فضلا عن كونها مستودعا لاحزان المسلمين الالبان، حتى تسجل الارقام الرسمية انه في سنة 1950 بلغت نسبة الامية في ذلك الاقليم 90% ، ولان استخدام اللغة الالبانية كان ممنوعا حتى عام 1945 فقد طبع اول كتاب بتلك اللغة في كوسوفا (ديوان شعر) في سنة 1952، بينما صدرت اول رواية البانية في بريشتينا عام 1957. * الاتجاه السائد بين الباحثين الالبان في كوسوفا يميز في حقبة ما بعد الملكية او ما بعد التحرر بين ثلاث مراحل اساسية: واحدة تبدأ من عام 1945 الى 1948، والثانية من 1948 الى 1968، والثالثة من 1968 فصاعدا. في المرحلة الاولى التي استمرت ثلاث سنوات فقط، كان مسلمو كوسوفا قد خرجوا لتوهم من عسف الملكية وقد عاشوا حالة من الانفراج النسبي، خصوصا ان العلاقات كانت جيدة وقتئذ بين يوغسلافيا والبانيا حتى وصفت بانها بمثابة «شهر العسل» بين النظامين الشيوعيين اللذين تسلما السلطة في بلغراد وتيرانا. لكن الازمة التي حدثت بين ستالين وتيتو وانحياز قادة تيرانا الى صف ستالين اصابت علاقات البلدين بالتوتر والقطيعة ومن ثم الخصومة. وكان مسلمو كوسوفا هم ضحية هذه الازمة التي كانت اول شرخ اصاب دول الكومنترن. ولم يقتصر الامر على واقع تغير وحلم تبدد وانما قدر لمسلمي كوسوفا ان يعيشوا كابوسا ثقيلا طوال العشرين سنة التالية، أي في المرحلة الثانية التي استمرت من 48 الى 68 وهي المرحلة التي عاشت يوغسلافيا طوالها في ظل ما سمي بسياسة «القبضة القوية».وكانت جريرة اهل كوسوفا التي لم تغتفر لهم انهم مسلمون، فنالهم عسف مضاعف وامتد الظلم حتى شمل جهود التنمية في الاقليم. فقد اهملت الزراعة والمراعي، وهما ثروة اساسية في كوسوفا ونقلت معادن الاقليم الذي يعد من اكبر مصادر الرصاص والزنك والنكيل في اوروبا كلها، فضلا عن الفحم الذي يشكل 55% من احتياطي يوغسلافيا، نقلت هذه المعادن والخامات الى خارج كوسوفا ولم يترك للاقليم سوى بعض الصناعات الثقيلة التي اهرقتها ولم تلب احتياجات اهله العاجلة والملحة. فازداد المسلمون خوفا وحزنا وازدادوا فقرا ايضا! وفي احصاء نشرته مجلة «نين» اليوغسلافية، اواخر السبعينات، لمتوسطات الدخول في مختلف اقاليم وجمهوريات يوغسلافيا، تبين انه في الفترة من سنة 53 الى 79 زاد دخل الفرد في جمهورية سلوفينينا من 935 الى 4936 دولارا، اما جمهورية صربيا التي تطوق كوسوفا من ثلاث جهات فقد زاد دخل الفرد فيها خلال تلك الفترة من 561 الى 2390 دولارا، وفي جمهورية الجبل الاسود الملاصقة للاقليم من ناحية الغرب زاد الدخل من 443 الى 1534 دولارا، اما في كوسوفا فان دخل الفرد في سنة 53 لم يتجاوز 268 دولارا وبعد اكثر من ربع قرن صار الكوسوفاري وهو على مشارف الثمانينات لا يزال اقل بحوالي 250 دولارا من الدخل. المرحلة الثالثة التي يرصدها الباحثون الالبان في كوسوفا، هي تلك التي اعقبت سقوط رانكوفتش وسقوط سياسة «القبضة القوية» معه. وبالمقارنة بين المرحلتين يعتبر الكوسوفاريون ان صفحة جديدة بدأت منذ عام 1968 اعطوا خلالها مزيدا من الحقوق كلفتها التعديلات الدستورية التي تمت في عامي 71 و74، واعترف للمسلمين بان يعلنوا عن اسلامهم في الاوراق الرسمية، وهو ما كان محظورا من قبل وسمح لهم بقدر اكبر من الحريات الدينية التي شملت اقامة المنظمات وجمع الزكوات وترميم المساجد. وفي ظل هذا الوضع الذي استجد اعطى اقليم كوسوفا قدرا اكثر من الاهتمام في خطط التنمية وسمح للسلطة المحلية فيه بتصنيع خامات الاقليم التي كانت تنقل الى خارجه لتصنع في جمهوريات يوغسلافية الاخرى. * اما قلب الاقليم ونبضه فيتوزع في مدن تربشا وجاكوفا وليبيليان حيث مناجم الزنك والكروم والمغنيسيوم ومختلف الصناعات. منذ اوائل الخمسينات نقلت العاصمة من بريزرن الى بريشتينا وفهم وقتئذ ان القطيعة التي حدثت بين البانيا ويوغسلافيا كانت وراء اتخاذ هذا القرار. اذ لما كانت بريزرن اقرب الى الحدود الالبانية فقد كان مبررا في ظل تلك القطيعة ان تنقل العاصمة الى مسافة ابعد قدر الامكان عن الحدود، وكانت برشتينا هي التي رشحت لخلافة العاصمة القديمة. * تقوم المشيخة الاسلامية عن الائمة والمساجد بادارة النشاطات الاسلامية في كوسوفا منذ العهد الشيوعي فهناك اكثر من 30 دائرة تتبع المشيخة تقوم بجمع ريع ما تبقى من عقارات موقوفة على المساجد، اما رواتب ائمة المساجد والناشطين فانها تدفع من قبل المسلمين انفسهم، فكل رب اسرة يدفع بشكل ثابت ما يعادل دولارا اميركيا كل سنة لامام المسجد الذي يسكن في نطاقه. ولكن الامام يمارس نشاطات اخرى تدر عليه دخلا كافيا واحيانا مجزيا، خاصة وان الامام يقوم بوظائف متعدة، مثل: عقد الزواج وغسل الموتى ودفنهم، وهذه الوظيفة الاخيرة من واجبات الامام التي لا سبيل الى التحلل منها، لان ثمة اعتقادا شائعا في ان وجود الامام الى جانب المتوفى في مرحلة انتقاله الى الاخرة وتلاوته القرآن الكريم على روحه مما يخفف عنه العذاب في الآخرة. ونظرا لاهمية هذه المسألة فقد اعدت المشيخة «تسعيرة» محددة ومفصلة معلقة في كافة المساجد وهي تفرق بين اجر عملية الغسل اذا قام به الامام او قام به المؤذن كما تفرق بين الاجر بحسب جنس المتوفى وعمره. * بالنسبة للمذهب فقد شاع المذهب الحنفي بين مسلمي كوسوفا منذ تبنى العثمانيون ذلك المذهب، وهناك نسبة قليلة من الشيعة تتركز في بلدة «جاكوفا» وهم يسمون انفسهم علويين، اضافة الى اتباع العديد من الطرق الصوفية مثل : القادرية والرفاعية والخلواتية والسعدية والنقشبندية التي تتفرع منها طريقة اخى باسم اللامية والبكتاشية. والغريب ان نشاط هذه الطرق الصوفية محصور في دائرة الشيعة خاصة، بينما المألوف والممتعارف عليه في مختلف دول اسيا وافريقيا ان تلك الطرق تجد تربتها الخصبة بين اتباع مذاهب اهل السنة بالدرجة الاولى. * لقد ادى تفكك الاتحاد اليوغسلافي في التسعينات الى سعي القوميات للاستقلال من هيمنة الصرب في بلغراد، لكن قوة صربيا كجمهورية محورية في الاتحاد اليوغسلافي ونفوذها في مؤسسات الاتحاد قادها الى شن حروب مدمرة ضد القوميات الاخرى بهدف ابقاء سيطرتها على اراضي تلك الاقاليم والجمهوريات ولتكوين الحلم في ايجاد صربيا الكبرى، فبدأوا بالحرب مع الكروات اثر اعلان كرواتيا الاستقلال، ومن خلال الدعم الغربي استطاعت كرواتيا حفظ استقلالها، ثم دارت العجلة على مسلمي البوسنة والهرسك فطال الهجوم الصربي على شعبها ودول العالم تتماطي في دعم البوسنة وشعبها، رغم القتل والتشريد والتدمير الذي تعرضت له وشعبها، الى ان انتهى الامر الى صيغة نصف حلّ في مؤتمر دايتون. * كانت الحلقة الثالثة، هي كوسوفا، فبدأ الصرب بحملة تطهير عرقي وتدمير شامل لكل ما هو اسلامي هناك، وانتظر الغرب في هذه المرة ايضا ان يقوم عدوهم المتحالف مع روسيا بمهمته وثم تقليم اظافره، فبعد اسابيع من الاعتداءات الصربية والقتل والتشريد قام الناتو بهجومه على صربيا بحجة الدفاع عن الشعب الكوسوفي، لكن الحقيقة هو تحويل هذه الدولة التي بقيت متحالفة مع روسيا (الشرق) الى خانتها واسقاط النظام الحاكم الذي لايزال يشعر بنوع من الوفاء تجاه حلفاءه القدامى، لان الغرب يريد البلقان وشرق اوروبا باجمعه ولم يبق هناك سوى صربيا فكانت كوسوفا هي المبرر، ولكن بعد ان يدمرها الصرب لكي ينهي الوجود الاسلامي المستقل في اوروبا وهو ما حدث مع البوسنة من قبل من خلال ثلاثية الحكم (الصربي ، الكرواتي ، والمسلم) رغم ان المسلمين هم الذين وقفوا بوجه الصرب ودافعوا عن استقلال بلادهم. |
|||
|
|
|
|
|
|