سفر
إلى الوحدة
قيل
أن آدم لم يعلم الأسماء إلا لأنه كان بشراً
. وحينها لم أدرك كنهها ولم أعرف سرها .
فيممت وجهي شطر باب المعرفة ، وخطوت بقدمي
العرجاء علني أعثر على مفتاح كنوز الأسرار
فأفتح نافذة على عوالم الغيب ، لربما
أوتيت قبس من شهاب أو دفئا في صقيع .
ومضت
صفحات كتاب عمري تطوى ، وأنا مسافر في
وديان الطلب اسلك أزقة الحيرة ، فعلمت من
شعار جدار أن روح المؤمن ينبغي أن تعرج إلى
الطلعة الغراء وتدخل في الدار الذي ليس
فيه غيره ديار .
فتذكرت
دعوة الأمس وناجتني دعوة اليوم ، فبت
حيرانا في ظلمة النفس وحجاب النور . أمسافر
إلى حيث لا يكون غيره أم قابع في أرض
الكثرات؟
وكيف
لي أن أتعلم الأسماء ؟
آه
من نسائم العطف ، كلما طرقت أبوابها هبت
عليَّ بنفحات الأنس ، وأسمعتني النداء
الخفي : ( خلقت الخلق لأجلك ) .
فرحت
سكرانا ولو لم تكمل النداء لصرت أشقى
الأشقياء . فقف متأدبا واستمع : ( وخلقت
لأجلي ) .
بدأت
سفراً وامتطيت الكثرات التي خُلقت لأجلي .
وعلمت سر البشر مدركا رحمة الله في بشرية
الرسول ، وسر المعراج في احتراق جبرائيل .
فلاحت لي لائحة من نداء الوحدة حيث يحلو
الاقتراب .
وفي
قلب الكثرة رحت أقلب بطون الوحدة . ورأيت
حجبا تعلوها حجب . اعترتني قشعريرة الفراق
، وانهمرت دموع الجفاء .
فإذا
بي أفقد صوت النداء وأبحث عنه فلا أجده .
لعله
موجود في صوامع النساك أو بيوت العرفاء .
أو
ربما هو كامن في قلوب المخبتين .
أو
في كتب صفراء ...
فأسرعت
نحوها ، أقلب صفحاتها باحثا بين حروفها
فاستيقظت بعد سنين .
ورأيت
ذلك النور المتصل بين السماء والأرض قويا
محفوظا ..
هناك
في جبال استوعرها المترفون ..
يبقى
نداء الوحدة .
|