مذكرات سالك -ذكريات عاشق

مذكرات سالك

ذكريات عاشق

ما سأكتبه اليوم ذكريات عاشق ولهان وقف طويلا على أعتاب منزل المحبوب فأورقت شجرة حياته وتدلت غصونها تحنو متلمسة أيادي العطف القريب وترنو إلى أنس لقاء أكيد .

هو عاشق تقلب في حبه حتى أدركه ولع لا يضاهى . وعشق كل شيء حتى وصل إلى مشاهدة طلعة الجمال السرمدي ..فطار فرحاً وفض غزيراً . يعرج بلقاء الأحبة ويغتسل بدموع الفراق ، تتقاذفه الأضداد كأشياء عجيبة وكل فرق كالطود يرفعه تسمو روحه ببهاء يسطع على الآفاق .

هو حب يغسل عار كل حب ويحرق كل عشب ويقطع كل قيد .

أذكره يجذبني من وديان التعلق وحدود الفانيات إلى المطلب اللامتناهي حيث عوالم النور الأزلية تجعل قلبي وسيعا بسعته .

أذكره يخرج من مآقي زفرات الدموع الدافئة في مسجد القرية ، عندما كنت أقرأ عن يوم السقيفة وحروب بدر واحد وجسر بغداد وتقطع الكبد وتحرير الآسارى وصلاة الأشتر ونداءات خيبر ونهج البلغاء والحكماء ، فكانت أنوار الهداية وأمواج العطف تأخذ بمجامع قلبي ، فيكبر ويكبر حتى يضيق بما فيه .

هو حب يعيد العاشق على عالم لم يكن هو فيه ، فيشهد (( بلى )) .

ويوقد جذوة النيران في بركان الشوق ، يجعل صاحبه مجذوباً بصعقة يخر منها دكا ويذيب من ثناياه علائق الجفاء وأدران البقاء. تتساقط حممه المتوقدة على أغصان تنشبت في بحار الأنا فتقطعها إربا إربا .

هو حب يخرج العقل من مصابيح العبارات الخافتة وألوانها الرمادية ، ليعطيه قوة القلب فيضيء المشرق والمغرب دفعة واحدة ، ويرجع إلى الخلق الأول فيتناوله المحب : بك أثيب وبك أعاقب.

لقد صرت وحيدا في غربتي ، يقتلني البعد ألف مرة في اليوم ، فكيف يارب أقوى على الفراق وأنا المحتاج إلى من يواسيني عندما أطالع سؤال الملائكة ( أتجعل فيها ..).وإلى من يرشدني وأنا المتلبس بجرم ( إني كنت من الظالمين ).

مذكرات سالك