بسم
الله الرحمن
الرحيم
إنّ
قوله تعالى : {
إنّما يريد
الله ليذهب
عنكم الرجس
أهل البيت
ويطهركم
تطهيرا } خاص
فقط بالخمسة
أصحاب الكساء
دون غيرهم من
زوجات النبي
صلى الله عليه
وآله وسلّم
أو قرابته
وأهم الأدلة
على ذلك هي : -
(1)
ثبت
من خلال جميع
الرّوايات
التي ذكرت
حادثة الكساء
وسبب نزول آية
التطهير أنّ
قوله تعالى : {
إنّما يريد
الله ليذهب
عنكم الرجس
أهل البيت
ويطهركم
تطهيرا } نزلت
مستقلّة
لوحدها ولم
تنزل ضمن
مجموعة
الآيات التي
تخاطب زوجات
النبي صلى
الله عليه
وآله وسلم
فوجودها بين
هذه الآيات لا
يعد دليلاً
على أنها خاصة
بزوجات النبي
صلى الله
عليه وآله
وسلّم أو
تشملهن ما لم
يقم دليلاً
آخر على ذلك –
وهو غير موجود
– وأن
المسلمين
متفقون أن
القرآن
الكريم لم
يجمع حسب
النزول فكم من
آية مدنية
وقعت بين
آيات مكية
والعكس وفي
القرآن
الكريم شواهد
كثيرة على أنّ
الآية في
أوّلها خاصة
بموضوع معين
وفي آخرها
بموضوع آخر .
(2)
إن
في القرآن
الكريم شواهد
عديدة على
تخلل الجملة
الأجنبية بين
الكلام المتناسق
كقوله تعالى
في حكاية خطاب
عزيز مصر
لزوجته إذْ
قال لها : { إنّه
من كيدكن إنّ
كيدكن عظيم *
يوسف أعرض عن
هذا واستغفري
لذنبك إنّك
كنت من
الخاطئين }
فقوله : { يوسف
أعرض عن هذا }
مستطرد بين
خطاب عزيز مصر
الموجه
لزوجته ، كما
أنك تجد أن صدر
الآية وهو {
يوسف أعرض عن
هذا } الخطاب
فيه موجه إلى
يوسف عليه
السلام كما هو
ظاهر وعجزها
وهو قوله : {
واستغفري
لذنبك إنك كنت
من الخاطئين }
موجه إلى
الزوجة ، وفي
هذا رد على من
يقول بأن آية
التطهير جزء
من آية وليست
آية ، فكيف
يكون الخطاب
في صدرها
موجه إلى
الزوجات وفي
عجزها موجه
إلى أهل
الكساء خاصة ؟
فهذه الآية –
أعني قوله
تعالى : { يوسف
أعرض عن هذا
واستغفري
لذنبك إنك كنت
من الخاطئين }
في صدرها تخاطب
جهة وفي عجزها
الخطاب إلى
جهة أخرى ، فلا
إشكال في ذلك
حيث له ما
يشابهه في القرآن
الكريم .
وكقوله تعالى :
{ إنّ الملوك
إذا دخلوا
قرية أفسدوها
وجعلوا أعزّة
أهلها أذلّة
وكذلك يفعلون
وإني مرسلة
إليهم بهدية
فناظرة بم
يرجع
المرسلون }
فقوله : { وكذلك
يفعلون }
مستطرد من جهة
الله تعالى
بين كلام
بلقيس ، وآية
التطهير من
هذا القبيل
جاءت مستطردة
بين آيات
النساء .
(3)
إن
القول
باختصاص آية
التطهير
بالزوجات أو
بالزوجات
وغيرهنّ هو
اجتهاد في مقابل
النص وهو غير
جائز شرعاً ،
فالرسول صلى
الله عليه
وآله وسلّم قد
نصّ على أنّ
المراد بأهل
البيت في
الآية
الكريمة هم
الخمسة أصحاب
الكساء فقط
وقد ذكرنا
مجموعة من
النصوص
الصحيحة
سابقاً عن
كتابي
المستدرك على
الصحيحين و
صحيح الترمذي
في الحلقة الأولى
من هذا الرّد
فراجع ونضيف
هنا بعض
الروايات
الدالة على
أنّ النبي صلى
الله عليه
وآله وسلّم قد
خص مفهوم أهل
البيت بهم دون
سواهم فقد روى
الطبري في
تفسيره { ج10
ص 298 } قال حدّثني
ابن المثنى
قال : حدثنا
أبو بكر
الحنفي ، قال :
حدثنا بكير
بن مسمار قال
: سمعت عامر بن
سعد قال : قال
سعد : ( قال رسول
الله صلى الله
عليه وآله
وسلّم حين نزل
عليه الوحي
فأخذ علياً
وابنيه
وفاطمة
وأدخلهم تحت
ثوبه ثم قال :
ربّ هؤلاء
أهلي وأهل
بيتي ) . وهذه
الرواية
صحيحة سنداً
فـ ( محمد بن
المثنى ) ثقة
ثبت من رجال
الكتب الستة {
تقريب
التهذيب 2/204 } و(
أبو بكر
الحنفي ) وهو (
عبد الكبير
بن عبد المجيد
) ثقة وثقه ابن
سعد وذكره ابن
حبّان في
الثقاة وقال
عنه العجلي
بصري ثقة {
تقريب
التهذيب :1/477 .
طبقات ابن سعد
: 7/299 . الثقاة : 8/420 . تاريخ
الثقاة : 290 } . و (
بكير بن مسمار
) وهو الزهري
صدوق من رجال
مسلم والترمذي
والنسائي {
تقريب
التهذيب 1/116} و (
عامر بن سعد )
ثقة وهو من
رجال الكتب
الستة { تقريب
التهذيب : 1/369 } . و (
سعد ) هو سعد بن
أبي وقاص وهو
صحابي ، والرواية
صريحة في
تخصيص مفهوم
أهل البيت
بأصحاب
الكساء . وروى
الترمذي في
صحيحه { الجامع
الصحيح ج5 ص 699 }
قال : حدّثنا
محمود بن
غيلان ،
حدّثنا أبو
أحمد الزبيري
، حدثنا
سفيان عن زبيد
عن شهر بن حوشب
عن أم سلمة (
أنّ النبي صلى
الله عليه
وسلم جلل على
الحسن
والحسين وعلي
وفاطمة كساءً
ثم قال : اللهم
هؤلاء أهل
بيتي وخاصتي
أذهب عنهم
الرجس وطهرهم
تطهيرا ،
فقالت أم سلمة
: وأنا معهم يا
رسول الله ؟
قال : إنك إلى
خير ) قال
الترمذي : هذا
حديث حسن وهو
أحسن شيء روي
في هذا الباب
وفي الباب عن
عمر بن أبي
سلمة وأنس بن
مالك وأبي
الحراء ومعقل
بن يسار
وعائشة ..
انتهى كلامه )
وروى
النسائي في
كتابه السنن
الكبرى { 5/112 } قال :
أخبرنا محمد
بن المثنى قال
حدثنا يحيى
بن حماد قال
حدثنا الوضاح
وهو أبو عوانة
قال حدثنا
يحيى قال
حدثنا عمرو
بن ميمون قال
: ( إني لجالس
إلى بن عباس إذ
أتاه تسعة رهط
فقالوا إما أن
تقوم معنا وإما
أن تخلونا يا
هؤلاء وهو
يومئذ صحيح
قبل أن يعمى
قال أنا أقوم
معكم فتحدثوا
فلا أدري
ما قالوا فجاء
وهو ينفض ثوبه
وهو يقول أف
وتف يقعون في
رجل له عشر
وقعوا في رجل
قال رسول الله
صلى الله عليه
وسلم لأبعثن
رجلا يحب الله
ورسوله لا
يخزيه الله
أبدا فأشرف
من استشرف
فقال أين علي
هو في الرحا
يطحن وما كان
أحدكم ليطحن
فدعاه وهو أرمد
ما يكاد أن
يبصر فنفث في
عينيه ثم هز
الراية ثلاثا
فدفعها إليه
فجاء بصفية
بنت حيي
وبعث أبا بكر
بسورة التوبة
وبعث عليا
خلفه فأخذها
منه فقال لا
يذهب بها إلا
رجل هو
مني وأنا منه
ودعا رسول
الله صلى الله
عليه وسلم
الحسن
والحسين
وعليا وفاطمة
فمد عليهم
ثوبا فقال
اللهم هؤلاء
أهل بيتي
فأذهب عنهم
الرجس وطهرهم
تطهيرا وكان
أول من أسلم
من الناس بعد
خديجة ولبس
ثوب رسول الله
صلى الله عليه
وسلم ونام
فجعل
المشركون يرمون
كما يرمون
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم وهم
يحسبون أنه
نبي الله صلى
الله عليه
وسلم فجاء أبو
بكر فقال يا
نبي الله فقال
علي إن نبي
الله صلى الله
عليه وسلم قد
ذهب نحو بئر
ميمون فاتبعه
فدخل معه
الغار وكان
المشركون
يرمون عليا
حتى أصبح وخرج
بالناس في
غزوة تبوك
فقال علي أخرج
معك فقال لا
فبكى فقال أما
ترضى أن تكون
مني بمنزلة
هارون من موسى
إلا أنك لست
بنبي ثم قال
أنت خليفتي
يعني في كل
مؤمن من بعدي
قال وسد أبواب
المسجد غير
باب علي فكان
يدخل المسجد
وهو جنب وهو في
طريقه ليس له
طريق غيره
وقال من كنت
وليه فعلي
وليه .... الخ )
وسند هذه
الرواية صحيح
فـ ( محمد
بن المثنى ) قد
مرت الإشارة
إلى وثاقته
أعلاه لوقوعه
في سند رواية
الطبري ، و ( يحيى
بن حمّاد ) ثقة
من رجال
البخاري
ومسلم
والنسائي
والترمذي
وأبو داود
وثقه ابن سعد
وأبو حاتم
وذكره ابن
حبان في
الثقاة وقال
عنه العجلي :
بصري ثقة . {
تقريب التهذيب
:2/353 ، طبقات ابن
سعد : 7/306 ، الجرح
والتعديل : 9/137 ،
الثقاة : 9/ 257 ، تاريخ
الثقاة : 470 } . و (
الوضاح أبو
عوانة ) فهو
أيضاً ثقة ثبت
كما يقول العسقلاني
في تقريب
التهذيب { 2/337 }
وقال عنه ابن
معين : جائز
الحديث وقال
أبو حاتم :
صدوق ثقة وقال
أبو زرعة : ثقة
، وذكره ابن
حبّان في
الثقاة وقال
ابن سعد : كان
ثقة صدوقاً
وقال العجلي :
بصري ثقة وهو
من رجال الستة
{ تاريخ الدوري
:2/629 ، الجرح
والتعديل : 9/40 ،
الثقاة : 7/562 ،
طبقات ابن سعد
: 7 /287 ، تاريخ
الثقاة : 464 } .و
( يحيى ) هو ابن
سليم أو ابن
أبي سليم أبو
بلج الفزاري
وهو ثقة وثقه
ابن معين
وابن سعد
والنسائي
والدار قطني
وقال أبو حاتم
صالح الحديث
وقال
الجوزجاني :
كان ثقة وقال
عنه ابن حجر
الهيثمي في
مجمع الزوائد (
وهو ثقة ) . {
الجرح
والتعديل :9/153
، طبقات ابن
سعد : 7/311 ، تهذيب
الكمال : 33/162 مجمع
الزوائد : 9/ 109} . و
( عمرو بن
ميمون ) ثقة
فاضل كما يقول
عنه
العسقلاني في (
تقريب
التهذيب 2/85 } وثقه
ابن معين وابن
سعد وذكره ابن
حبّان في
الثقاة { تاريخ
الدوري : 2/455 ،
طبقات ابن
سعد : 7/482 ، الثقاة
: 7/224 } . وروى
النسائي في
كتابه خصائص
الإمام علي بن
أبي طالب
عليه السلام {
ص 32 تحقيق أبو
إسحاق
الحويني
الأثري } قال :
أخبرنا قتيبة
بن سعيد
وهشام بن عمار
الدّمشقي
قالا: حدثنا
حاتم عن بكير
بن مسمار عن
عامر بن سعد
بن أبي وقاص
عن أبيه قال : (
أمر معاوية
سعداً فقال :
ما يمنعك أن
تسبّ أبا تراب
؟ فقال :
أنا ذكرت
ثلاثاً قالهن
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم فلن
أسبّه لأن
يكون لي واحدة
منها أحب إلي
من حمر النعم :
سمعت رسول
الله صلى الله
عليه وسلم
يقول له وخلّفه
في بعض مغازيه
، فقال له علي :
يا رسول الله
أتخلفني مع
النساء
والصبيان ؟
فقال رسول
الله صلى الله
عليه وسلم :
أما ترضى أن
تكون مني
بمنزلة هارون
من موسى إلاّ
أنّه لا نبوّة
بعدي ؟ وسمعته
يقول يوم خيبر
: لأعطين
الراية غداً
رجلاً يحب الله
ورسوله ويحبه
الله ورسوله ،
فتطاولنا
إليها ، فقال :
ادعوا لي
علياً فأتي به
أرمد فبصق في
عينه ودفع
الراية إليه ..
ولمّا نزلت
: { إنّما يريد
الله ليذهب
عنكم الرجس
أهل البيت
ويطهركم
تطهيرا } دعا
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم علياً
وفاطمة وحسناً
وحسيناً فقال :
اللهم هؤلاء
أهل بيتي ) .
وهذا الحديث
صحيح سنداً
رواته كلهم
من الثقاة
وقال عنه محقق
كتاب الخصائص
أبو إسحاق
الحويني
الأثري : (
إسناده صحيح )
. وكما ترى
أخي القاريء
الكريم أن
تخصيص النبي
صلى الله عليه
وآله وسلم
لمفهوم أهل
البيت في
أصحاب الكساء
واضح وضوح
الشمس في
رائعة النهار
يفهم هذا
التخصيص من له
أدنى مسكة
إلمام باللغة
العربية فهو
يقول : ( اللهم
هؤلاء أهل
بيتي ) وفي
رواية الترمذي
إضافة إلى ذلك
( وخاصتي )
ومعنى كلامه
هذا أنّ هؤلاء
هم أهل بيته
فقط دون غيرهم
وهم
المقصودون
بأهل البيت في
الآية دون
غيرهم ولو كان
المفهوم يشمل
هؤلاء وغيرهم
لكان الأصح
والأنسب أن
يقول صلى الله
عليه وآله
وسلّم ( اللهم
هؤلاء من أهل
بيتي ) لا أن
يقول : ( اللهم
هؤلاء أهل
بيتي ) الّذي
يفيد حصر
المفهوم – أهل
البيت – كلّه
في هؤلاء دون
غيرهم .
(4)
بعض
هذه الروايات
صريحة في أن
النبي صلى
الله عليه
وآله وسلّم لم
يسمح للسيدة
أم المؤمنين
أم سلمة رضوان
الله تعالى
عليها
بالدّخول تحت
الكساء عندما
أرادت أن
تدخل معهم
وجذبه من يدها
ولو كانت
الآية تعنيها
أو المفهوم
يشملها لما
كان لهذا
المنع وجه أو
لقال لها إنك
من أهل البيت
بدل قوله لها (
إنك إلى خير ) .
(5)
لم تدّعي
واحدة من
زوجات النبي
أنّ قوله
تعالى : { إنّما
يريد الله
ليذهب عنكم
الرجس أهل
البيت
ويطهركم
تطهيرا } خاصة
بهن أو أنهن
ممن تشملهن
هذه الآية حيث
لم يؤثر شيء
من ذلك بل إن
السيدة عائشة
والسيدة أم
سلمة رضوان
الله تعالى
عليهما ممن
روى اختصاص
الآية
بالخمسة
أصحاب الكساء
يقول الحافظ
ابن الجوزي في
كتابه زاد المسير
في علم
التفسير { 6/381- 382 } : ( ...
والثاني : إنّه
خاص في : رسول
الله صلى
الله عليه
وسلم وعلي
وفاطمة
والحسن
والحسين . قاله
أبو سعيد
الخدري وروي
عن أنس وعائشة
وأم سلمة نحو
ذلك ) .
والسلام
عليكم ورحمة
الله وبركاته
|