مختارت شعرية - أحرم الحجاج

 

أحرم الحجاج عن لذاتهم

 

وانا المحرم عن لذاته كل الدهور

أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور

وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين

كيف لا احرم دأباً ناحراً هدي السرور

 

 

ان يرى حق بنيه حرماً معتكفا

حق للشارب من زمزم حب المصطفى

وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين

ويواسيهم والا حاد عن باب الصفا

 

 

واتخاذ النوح ورداً كل صبح ومسا

فمن الواجب عيناً لبس سربال الاسى

وقليل تتلف الارواح في رزء الحسين

واشتعال القلب احزاناً تذيب الانفسا

 

 

لائذاً بالقبة النوراء يشكوا اسفا

لست انساه طريداً عن جوار المصطفى

ببلاء انقض الظهر وأوهى المنكبين

قائلاً ياجد رسم الصبر من قلبي عفى

 

 

لم نذق فيها هنيئاً بلغةً من بُرها

صبت الدنيا علينا حاصباً من شرها

تاركاً بالرغم مني دار سكنى الوالدين

ها أنا مطرود رجس هائم في بَرها

 

 

علني ياجد من بلوى زماني استريح

ضمني عندك يا جداه في هذا الضريح

فعسى طود الاسى يندك بين الدكتين

ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح

 

 

وأشاب الهم رأسي قبل اُبان المشيب

جد صفو العيش من بعدك بالاكدار شيب

ونداء بافتجاع يا حبيبي ياحسين

فعلا من داخل القبر بكاء ونحيب

 

 

انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء

انت ياريحانة القلب حقيق بالبلاء

فاتخذ ذرعين من صبر وحسم سابغين

لكن الماضي قليل في الذي قد أقبلا

 

 

وستبقى في ثراها عافراً مجندلا

ستذوق الموت ظلماً ظامياً في كربلا

صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين

وكأني بلئيم الاصل شمراً قد علا

 

 

سغباً تستعطف القوم وقد عزّ المغيث

وكأني بالأيامى من بناتي تستغيث

بينها السجاد في الاصفاد مغلول اليدين

قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث

 

 

رحمةً للآل لا سخطاً لمحتوم القضا

فبكى قرة عين المصطفى والمرتضى

مقتدى الأمة والي شرقها والمغربين

بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا

 

 

اظلم الافق عليهم بقتام الكرب

حين نبأ آله الغر بما قال النبي

غشيتهم ظلمات الحزن من اجل الحسين

فكأن لم يستبينوا مشرقاً من مغرب

 

 

يقطع البيدا مجداً قاصد البيت العتيق

وسرى بالأهل والصحب بملحوب الطريق

نحن انصارك فاقدم سترى قرة عين

فأتته كتب الكوفة بالعهد الوثيق

 

 

فاذا الهاتف ينعاهم ويدعوا ويشير

بينما السبط باهليه مجداً في المسير

ساعة اذ وقف المهر الذي تحت الحسين

ان قدام مطاياهم مناياهم تسير

 

 

فدعى في صحبه يا قوم ما هذي الفلا

فعلا صهوة ثان فأبى ان يرحلا

خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكرين

قيل هذي كربلاءٌ قال كربٌ وبلا

 

 

بظبى تعتاض بالاجساد عن اغمادها

ها هنا تُنتزع الارواح من اجسادها

في وثاق الطلقاء الادعياء الوالدين

وبهذي تُحمل الامجاد في اصفادها

 

 

وبهذي تشرب الابطال من اوداجها

وبهذي تيأم الزوجات من ازواجها

غائبات في ثرى البوغاء محجوبات بين

وتهاوى انجم الابرار عن ابراجها

 

 

مع شمر وابن سعد كل كذاب اشر

وأطلتهم جنود كالجراد المنتشر

واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين

فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر

 

 

بيض انس يتمايلن بحمر الحلل

يحسبون البيض اذ تلبس فيض القلل

شاهدوا الجنة كشفاً ورأوها رأي عين

فيذوقون المنايا كمذاق العسل

 

 

طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود

بأبي انجم سعد في هبوط وصعود

كيف لا تسعد في حال اقتران بالحسين

سعدت بالذبح والذابح من بعض السعود

 

 

وشموساً من رؤوس في بروج من رماح

بأبي أقمار تُمٍ خسفت بين الصفاح

جرعت كأسي اُوام وحمام قاتلين

ونفوساً منعت ان ترد الماء المباح

 

 

ينظر الآل فيذري من اماقيه الدموع

عندها ظل حسين مفرداً بين الجموع

غرمه يغريه للضرب نمار الصفحتين

فانتظى للذب عنهم مرهف الحد لموع

 

 

فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب

فاتحاً من مجلس التوديع للأحباب باب

زينب الطهر بأمر وبنهي نافذين

موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب

 

 

انني في هذه الأرض ملاقٍ مصرعي

أخت يازينب أوصيك وصايا فاسمعي

كل حي سينحيه عن الأحياء حين

فاصبري فالصبر من خيم كرام المترع

 

 

ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل

في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل

ثم لا اكره ان يسقي دمع العين ورد الوجنتين

واتركي اللطم على الخد واعلان العويل

 

 

اطعمي من جاع منهم ثم أروي من ظمي

اجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمي

ليتني بينهم كالانف بين الحاجبين

واذكري اني في حفظهم طٌل دمي

 

 

فأتت بالطفل لا يهدأ والدمع مراق

أخت آتيني بطفلي أره قبل الفراق

غائر العينين طاو البطن ذاو الشفتين

يتلوى ظمأ والقلب منه في احتراق

 

 

بدموع هاميات تخجل السحب السجام

فبكى لما رآه يتلظى بالأوام

وهما من ظمإ قلباهما كالجمرتين

ونحا القوم وفي كفيه ذياك الغلام

 

 

نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيع

فدعا في القوم يا لله للخطب الفظيع

لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين

لاحظوه فعليه شبه الهادي الشفيع

 

 

فحشاه من أوام في اضطرام وكُلام

عجلوا نحوي بماء اسقه هذا الغلام

وإذا بالطفل قد خر صريعاً لليدين

فاكتفى القوم عن القول بتكليم السهام

 

 

ورماه صاعداً يشكوا الى رب السما

فالتقى مما هما من منحر الطفل دما

فجع القوم بهذا الطفل قلب الوالدين

وينادي يا حكيم انت خير الحكما

 

 

اذ اثار الضمر العثير بالركض فثار

وأغار السبط للجلي بمأمون العثار

ذكر القوم ببدر وبأحد وحنين

يحسب الحرب عروساً ولها الروس نثار

 

 

أسد يفترس الاسد على الآجال جال

بطل فرد من الجمع على الابطال طال

ماسطى في فرقة الا تولت فرقتين

ماله غير اله العرش في الاهوال وال

 

 

غير مولانا علي والفتى سر أبيه

ماله في حومة الهيجاء في الكر شبيه

وهو ظام شفتاه اضحتا ناشفتين

غير ان القوم بالكثرة كانوا متعبيه

 

 

ما ونى قط ولا عن عصبة الالحاد حاد

علة الايجاد بالنفس على الامجاد جاد

وحسام يخسف العين ويبري الاخذ عين

كم له فيهم سنان خارق الاكباد باد

 

 

وحكى جثمانه القنفذ من رشق السهام

دأبه الذب الى ان شب في القلب الأوام

وعراه من نزيف الدم ضعف الساعدين

وتوالى الضرب والطعن على الليث الهمام

 

 

طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان

فتدنى الغادر الباغي سنان بالسنان

وبكى الكرسي والعرش عليه آسفين

اشرقت تبكي عليه اسفاً حور الجنان

 

 

أ حسين خر ام برج السماك السابح

ما دروا اذ خر عن ظهر الجواد الرامح

ام هو الشمس وأين الشمس من نور الحسين

ام هو البدر وقد حل بسعد الذابح

 

 

وحبيب المصطفى بالترب مخضوباً بقان

اي عينين بقان الدمع لا تنهرقان

وله قدر تعالى فوق هام الشرطين

دمه والطين في منحره مختلطان

 

 

ذاهلاً منفجعاً يصهل مذعور الجنان

لهف نفسي اذ نحا اهل الفساطيط الحصان

خاضب المفرق والخدين من نحر الحسين

مائل السرج عثور الخطو في فضل العنان

 

 

واترك الاعوال كي لا يسمع الآل الكرام

ايها المهر توقف لا تحم حول الخيام

وهم ينتظرون الآن اقبال الحسين

كيف تستقبلهم تعثر في فضل اللجام

 

 

يخبر النسوان ان السبط في البوغا جديل

مرق المهر وجيعاً عالياً منه العويل

نابعاً من ثغرة النحر كما تنبع عين

ودم المنحر جار خاضب الجسم يسيل

 

 

تحسب السبط اتاها بالذي يهوى الفؤاد

خرجت مذ سمعت زينب اعوال الجواد

ودم الاوداج منه خاضباً للمنكبين

ما درت ان اخاها عافراً في بطن واد

 

 

صرخت مازقة الجيب بلب ذاهل

مذ وعت ما لاح من حال الجواد الصاهل

محرقات بسواد الحزن من فقد الحسين

وبدت من داخل الخيمات آل الفاضل

 

 

انجم تهوي ولكن ما تهاوت لرجوم

وغدت كلٌ من الدهشة تهوي وتقوم

يتسابقن الى موضع ما خر الحسين

وحقيق بعد كسف الشمس ان تبدوا النجوم

 

 

يهبر الاوداج منه بالحسام الباتر

وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر

بافتجاع قائلات خل ياشمر حسين

فتساقطن عليه بفؤاد طائر

 

 

ليس من تفري وريديه بكبش جاثم

رأس من تقطع ياشمر بهذا الصارم

ابواه خير الله فذا ابن الخيرتين

ان ذا سبط النبي القرشي الهاشمي

 

 

عصمة الراهب في الدهر وملفى الهارب

ارفع الصارم عن نحر الامام الواهب

وهو دأباً يكثر التقبيل في نحر الحسين

كيف تفري نحر سبط المصطفى بالقاضب

 

 

بابنه قدماً فداه وهو ذو الشأن الرفيع

كان يؤذيه بكاه وهو في المهد رضيع

يتلظى بظماه حافصاً بالقدمين

ليته الآن يراه وهو في الترب صريع

 

 

وبيمناه يسار لدم العسر يريق

كم به من مَلك في الملأ الاعلى عتيق

انه الحجة في الارض ومولى الملوين

وعلى الناس له عهداً من الله وثيق

 

 

وانحنى يفري وريدي ذلك النحر الكريم

ما افاد الوعظ والتحذير في الرجز الرجيم

زاهراً يشرق نوراً كاسفاً للقمرين

وبرى الرأس وعلاه على رمح قويم

 

 

وتوارت عن عيون الناس في ارض الطفوف

شمس أفق الدين اضحت في كسوف بالسيوف

لكن الافق مضيء بسنا راس الحسين

فأصاب الشمس والبدر كسوف وخسوف

 

 

وغدا الاملاك تبكيه خصوصاً عتقاه

ذبح الشمر حسينا ليتني كنت وقاه

صدر من داس فخاراً فوق فرق الفرقدين

ما درى الملعون شمرٌ أي صدر قد رقاه

 

 

ذبح الشمر حسيناً غيرة الله اغضبي

فتك العصفور بالصقر فيا للعجب

ادرك الاعداء فيه ثأر بدر وحنين

حيدرٌ آجرك الله بعالي الرتب

 

 

كُحلت وحياً اماقيها بأميال العما

أعين لم تجر في أيام عاشورا بما

لأجودن بدمع العين جود الاجودين

لأصبن اذا ما أعوز الدمع دما

 

 

كيف عاشوا يوم عاشورا وما ذاقوا الحِمام

عجباً ممن رسا في قلبه حب الامام

أ سواءٌ فقد فرخين وفقدان الحسين

بل ارى نوحهم يقصر عن نوح الحَمام

 

 

انه كان سراجاً للبرايا وانطفا

كيف لا يبكي بشجو لابن بنت المصطفى

واغتدى الجاري من العين عقيق لا لجين

حق لو في فيض دمع العين انساني طفا

 

 

ثمل نشوان من خمر له الساقي يدير

أ يزيدٌ فوق فرش من حرير في سرير

ساغباً ضمآن يسقى من نجيع الودجين

وحسين في صخور وسعير من هجير

 

 

ولهيف القلب صاد وذبيح من قفا

حطم الحزن فؤادي لحطيم بالصفا

صدره والظهر منه اصبحا منخسفين

ولعار في وهاد فوقه السافي سفا

 

 

ولقاني فيض نحر غاسل للعاسل

ولرأس ناضر الوجه برأس الذابل

وبنات المصطفى لهفي على عجف سرين

ولعان هالك الناصر واهي الكاهل

 

 

تذرف الدمع وفي احشائها الحزن يجول

بينما زينب قرحى الجفن ولهاء ثكول

قد أصابتني بنور العين حسادي بعين

تندب الندب بقلب واجف وهي تقول

 

 

واصريعا بعراه ما له من ساتر

واذبيحا من قفاه بالحسام الباتر

وارضيضا قدماه والقرى والمنكبين

واكسيرا صلواه بصليب الحافر

 

 

واقتيلاه ولكن ذنبه لم يُخبر

واخطيباه جمالي وجمال المنبر

واشهيداه ومن للمصطفى قرة عين

واطريحاه ثلاثا بالعرا لم يُقبر

 

 

مقريا للضيف والسيف نفيسا ونفوس

يا أخي قد كنت تاجا للمعالي والرؤوس

بعدما دست على اوج السهى بالقدمين

كيف اضحى جسمك السامي له الخيل تدوس

 

 

بقيت بعدك شعثاً في كِلال وحداد

يا أخي يا تاج عزي لاحظ البيض الحداد

اشبه الاشياء بالقرآن بين الدفتين

قطنت اجفانها فالقلب كالقالب صاد

 

 

اذ عفو عنكم وقد كنتم حصيد الصارم

حزب حرب اين انتم من سجايا هاشم

ان آثار القبيلين عصير العنصرين

ان في هذا لسر بين للفاهم

 

 

مالكم صيرتمونا بين عان وجديل

جدنا عاملكم في الفتح بالصفح الجميل

وعذاب مستطيل لن يزولا خالدين

وعلى جيل قفوتم اثرهم لعن الجليل

 

 

هبة من عند ربي وهو ذو الفضل العظيم

سادتي حزني كحبي لكم باق مقيم

واكشفوا في الحشر كربي واشفعوا للوالدين

قد صفا الحب بقلبي فاجعلوا ذنبي حطيم

 

 

وولاء في براء وصفاء الاعتقاد

حسن ما حسن منه سوى حفظ الوداد

انما الخوف لمن لم يعتقد فضل الحسين

وهو كاف في اماني من مخاويف المعاد

 

 

لسراة الخلق في الدنيا وفي دار السلام

والتحيات الوحيات وتسليم السلام

او محا الله ظلاما بضياء النيرين

ذائبات ابد الآباد ما تم كلام