بما أن مسالة(( سلطة الولي الفقيه خارج حدود
البلد الخاضع لولايته ))تقع فى مرتبة متاخرة
من سلسلة مسائل الحكومة الاسلامية و ولاية
الفقيه، و تتوقف الاجابة عليها الى حد بعيد
على حل المسائل السابقة، و تخضع لاسس و نظريات
قبلت فى مراحل متقدمة، من هنا بات لزاما علينا
فى بداية الامر إلقاء نظرة على المسائل
المتقدمة عليها.
و لغرض التعرف على المسائل المتقدمة التى
يستلزمها هذا البحث، يجب علينا اولا و قبل كل
شيء تدقيق النظر فى عنوان المقالة الذى يستشف
منه افتراض وجود مجتمع او بلد اسلامي ذى حدود
جغرافية معينة و يحكمه نظام(( ولاية الفقيه))،
و تكون الاوامر الحكومية للولي الفقيه نافذة
و واجبة التطبيق على الاشخاص الذين يعيشون
ضمن تلك الحدود، و الذين سبقت لهم البيعة منهم.
و بعبارة اخرى :ان مبدا ولاية الفقيه و شرعية
النظام الذى يديره و نفوذ حكم الولي الفقيه
الذي تسلم زمام الحكم بشروط خاصة، محرزة على
من يعيش داخل حدود ذلك البلد و سبقت منهم
البيعة، و هى ثابتة بدليل او ادلة مقبولة.
و لكن تثار حول هذه المسالة الفروغ منها مسائل
جانبية تستدعي و وضع حل لها، و هي:
1 ـ إذا كان هناك فرد أو جماعة مسلمة تعيش في
بلد غير اسلامي(خارج حدود البلد الاسلامي
المفترض الذي يدار بنظام ولاية الفقيه )هل يجب
عليها اطاعة الاوامر الحكومية للفقيه
المذكور ام لا؟
ان لهذا السوءال كما يبدو فرضين :الاول هو :ان
المسلمين المقيمين خارج البلد الاسلامي
بايعوا الولي الفقيه، و الفرض الثانى :انهم لم
يبايعوه.
2 ـ اذا كان هناك بلدان اسلاميان تبنى احدهما
نظام ولاية الفقيه و بايع الفقيه الجامع
للشرائط،
فيما يدار البلد الثاني بنظام حكومي آخر، هل
يجب على شعب البلد الثاني اتباع الولي الفقيه
للبلد الاول ام لا؟
و هنا ايضا يصدق الفرضان اعلاه(وهما بيعة و
عدم بيعة الفرد او الجماعة المسلمة فى البلد
الثاني.)
3 ـ اذا اتخذ بلدان اسلاميان ولاية الفقيه
كمنهج لنظام الحكم فيهما، و لكن عين شعب كل
منهما
فقيها خاصا به غير الفقيه في البلد الآخر، او
اختار خبراء كل منهما فقيها غير فقيه
البلدالآخر، فهل فى مثل هذه الحالة يسرى حكم
كان من الفقيهين ضمن حدود ولايته فحسب، ام
يشمل شعب البلد الآخر، ام هناك موقف ثالث؟
على الرغم من الفرض الوارد فى هذه المسالة و
هو ان اهل كل بلد بايعوا فقيها خاصا، و لكن فى
الوقت ذاته يمكن افتراض أن بعض اهالي احد
البلدين قد بايع الفقيه الحاكم فى البلد
الآخر.
و من هنا يصدق الفرضان المذكوران في المسائل
المتقدمة على هذه المسالة ايضا.
النقطة الجديرة بالذكر هي أن المسالتين
الاخيرتين افترضتا وجود بلدين اسلاميين
مستقلين .فيما افترضت المسالة الاخيرة شرعية
تعدد الولي الفقيه فى بلدين متجاورين او غير
متجاورين.
4 ـ إذا كان هناك أشخاص في البلد الذي يحكمه
نظام ولاية الفقيه لم يبايعوا ذلك الولي
الفقيه
لسبب او آخر، فهل تطبق عليهم اوامره الحكومية
ام لا؟ لاجل الاجابة عن هذه الاسئلة و تقصي
ابعاد المسالة المعروضة على بساط البحث يجب
دراسة مسالة حدود البلد الاسلامي و كيفية
رسمها مع بلد غير اسلامي او بلد اسلامي آخر،
ثم اخذ قضية تعدد الحكومات الاسلامية او
البلدان الاسلامية بنظر الاعتبار من جهة ، و
من جهة اخرى ينبغى البحث فى ادلة الفقيه لغرض
بيان كيفية شمولها للاسئلة الآنفة الذكر، مع
الاشارة الى دور البيعة فى اعتبار ولاية
الفقيه .لتتضح اهمية بيعة الافراد و عدمها فى
وجوب طاعتهم للولى الفقيه.
وحدة البلدان و تعددها
عرضت دراسات و فيرة عن نشو
الدول و الشعوب و عوامل انفصالها و تمايزها عن
بعضها او اتحادها و اتصالها مع بعضها ، و
ابديت آرا و نظريات مختلفة بهذا الشان .كما
بحثت معايير انتما الافراد للدول و اقسامها
من قبيل الانتما الاصلى و الاكتسابى و
التبعى،و كذلك الانس°خ من ذلك الانتما طوعا
او كرها.
اما ما ينبغى الاشارة اليه بايجاز فهو ان وحدة
الارض، او اللغة و اللهجة المشتركة، و وحدة
العنصر و الدم لا يعد ايا منها عاملا حاسما فى
وحدة شعب او بلد ما .كما لا تحتسب الحدود
الطبيعية كالجبال و البحار، او اختلاف الله و
اللهجة، و اللون و الدم سببا قطعيا لتعدد و
تمايز الشعوب و البلدان .بل ان هذه العوامل
بمجموعها لا تشكل عنصرا ذا تاثير قطعى فربما
ينقسم شعب يشترك فى اللغة و الارض الى دولتين .و
قد يتالف بلد واحد من شعوب تختلف فى اللغة و
العنصر و تفصل بينها حواجز طبيعية .و امثلة
هذه الحالة موجودة فى عالمنا المعاصر.
من الطبيعى ان كل واحد من العوامل المذكورة
تمهد الاجواء ـ حسبما تقتضيه طبيعة العلاقات
بين بنى الانسان ـ لتلاحم و وحدة الشعب و
البلد، الا ان اكثرها تاثيرا هو وحدة الاراء و
التوجهات التى تنتهى الى وحدة الحكومة . اما
العوامل الاخرى فتتسم بالنقص و يمكن ان تحل
محلها عوامل غيرها، و هى مجرد عوامل مساعدة
للعامل الاخير.
يرى الاسلام ان المحور الاساسى لوحدة الامة و
المجتمع الاسلامى هو وحدة العقيدة، ولكن فى
الوقت ذاته ينبغى الالتفات الى ان وحدة الارض
و وجود الحدود الجغرافية ;الطبيعية منها و
السياسية ليست فاقدة للاعتبار تماما .و كما
نعلم ان ل"دارالاسلام "التى تعرف طبعا
بحدود جغرافية معينة ، احكاما خاصة فى الفقه
الاسلامى.
ففى بعض الحالات مثلا تصبح الهجرة اليها امرا
واجبا، و قد يطرد منها الذمى الذى يتمرد على
احكام الذمة .و من جهة اخرى لا يعد اختلاف
العقيدة لدى شخص ما سببا لاعتباره اجنبيا ;°ن
الدولة الاسلامية قد تضم داخل حدودها اشخاصا
غير مسلمين تتكفل هى بحمايتهم و بذلك يكون
هناك نوع من الانتماء اليها.
و حصيلة القول هى ان المجتمع الاسلامى يتالف
اصالة من افراد يعتنقون الاسلام بمحض ارادتهم
و يلتزمون الاجتماعية و القضائية و السياسية،
و الارض التى تقطنها هذه الجماعة تسمى بالبلد
الاسلامى او دار الاسلام .و فى مرتبة لاحقة
يمكن لغير المسلمين ا°نتما الى هذا البلد
الاسلامى باتفاق خاص، ليعيشوا الى جانب
المسلمين بامن و سلام.
و على هذا المنوال تتعين حدود الدولة
الاسلامية مع الدول غير الاسلامية ، و معنى
هذا( :ان الارض التى يقطنها اتباع الدولة
الاسلامية تسمى بدار الاسلام، و تتعين حدود
املاكهم((مع توابعها و لواحقها ))بحدود دار
الاسلام التى تفصلها عن غيرها حدود طبيعية
كالبحار و الجبال او حدود سياسية تشخص بعلائم
و شواخص معينة.)
يتبدى مما سبق ان الملاك فى وحدة الدول او
تعددها هو وحدة حكوماتها و تعددها :اى ان كل
جماعة انسانية تساس من قبل حكومة واحدة تنتمى
الى بلد واحد .و على العكس من ذلك يدل تعدد
الحكومات المستقلة الواقعة فى عرض بعضها
الآخر، على تعدد الدول او البلدان .و من
المحتمل طبعا ان تتمتع كل مدينة او اقليم بنوع
من الحكم الذاتى .و لكن حينما تخضع عدة اقاليم
لدستور واحد و تدار من قبل حكومة مركزية
واحدة، و تتبع فى سياستها الخارجية و شوءونها
الدفاعية و ما شابه ذلك، قرارات الحكومة
المركزية(( كما هو الحال فى الدول الفدرالية))تعتبر
حينئذ بلدا واحدا .و تعدد الحكومات غير
المستقلة منها لا يضر بوحدتها(.1) الا ان
العامل الذى كان له فى اغلب الاحيان الدور
الحاسم فى تعيين حدود الدول و تشخيص وحدة او
تعدد الحكومات و اتحادها او انفصالها ، هو
عامل(( قوة السلاح .))و مما يثير الاسف ان هذا
العامل ادى دوره فى العالم الاسلامى .و الحروب
التى وقعت بين المسلمين و ادت الى انقراض و
ظهور سلالات متعددة حكمت باسم الخلافة او
السلطنة تعد دليلا ناصعا على هذه الحقيقة
التاريخية المريرة .اما المسالة المهمة هنا
فهى دراسة هذه المسالة من جانبها الفقهى و
لذابات لزاما علينا القاء نظرة و لو سريعة على
آرا الفقهاء فى هذا المجال.
الموقف الفقهى من تعدد الدول
عرفنا ان((دارالاسلام ))هى عبارة
عن الارض او الاراضى التى تقطنها الامة
الاسلامية، و يمكن لغير المسلمين الانضوا
بشروط خاصة تحت ظل الدولة الاسلامية و ان
يعيشوا الى جانب المسلمين بامن و سلام، و
تعتبر الحدود الطبيعية او السياسية لهذه
الاراضى(( حدودا لدار الاسلام.))
و لكن هل يمكن تجزئة دار الاسلام الى عدة دول
كاملة و مستقلة، ام لا؟ هذا الموضوع لم يبحث
من قبل القدما و ان كان سياق كلامهم يشيرالى((
بلد اسلامى واحد ))تدار شوءونه من قبل ((امام
واحد .))و حينما تتعدد الحكومات يعتبر زعيم كل
حكومة نفسه هو الخليفة الحق، و الآخرون على
خطا و متمردون عليه .و لكن يمكن القول ان آرا
الفقهاء كانت ناظرة الى ظروف خاصة و لا تنطوى
بشكل عام على نفى المشروعية عن تعدد الحكومات
.بل و ربما يستشف من بعض اقوالهم فى شروط
الامام، و من بعض تصريحاتهم انهم لا ينفون
الشرعية عن وجود حكومتين فى منطقتين
متمايزتين ـ عندما يكون المتصدون لزمام
الامور فيها حائزين على الشرائط(2 )ـ سيما و ان
الكثير من كبار اهل السنة( مثل احد بن حنبل )يرون
انه حتى حكومة الفاسق و شارب الخمر الذى يتسلط
على رقاب الناس بالقهر، مشروعة و واجبة
الطاعة(.3) اما فقهاء الشيعة فيتفقون فى الراى
على ان الخلافة من بعد رسول الله صلى الله
عليه و آله للامام المعصوم عليه السلام
اصالة، و ينفون ان تكون الامامة لمعصومين فى
وقت واحد(4.) حتى و ان كان احدهما فى شرق الارض و
الآخر فى غربها .و بعبارة اخرى يعتقد الشيعة
ان دار الاسلام كلها يجب ان تنضوى تحت قيادة و
زعامة امام معصوم واحد، و ولاة كل اقليم
يعينون من قبله، و كلهم طبعا منفذون لاحكام
الاسلام و اوامر الامام المعصوم، فضلا عما
يحتمل ان يفوضه اليهم الامام المعصوم من
صلاحيات ضمن حدود الاقليم الذى يحكمونه،
فيطبقون قرارات خاصة تهتدى بالاحكام
الاسلامية العامة مع رعاية مصالح المسلمين و
بما تقتضيه ظروف الزمان و المكان .فى هذا
الضوء يكون هناك نمط من الحكم الذاتى فى مناطق
مختلفة من دارالاسلام يمكن القبول به فى ظل
القيادة العامة للمعصوم.
و من الطبيعى ان هذه الامتراضات كلها فيما لو
كان الامام المعصوم مبسوط اليد و لديه قدرة
ظاهرية للتصدى للامور ;بمعنى ان تكون حكومته
الشرعية مقبولة من الناس ايضا .و لكن كما نعلم
ان مثل هذه الظروف لم تتوافر الا فى الفترة
القصيرة التى حكم بها امير الموءمنين على بن
ابى طالب عليه السلام، و الامام الحسن عليه
السلام .اما سائر الائمة الطاهرين عليهم
السلام فلم يتصدوا لادارة شوءون الدولة
الاسلامية، بل و لم يوءذن لهم بابدا آرائهم فى
هذا المجال، و كانوا على الدوام تحت المراقبة
و النفى او فى السجون، و لذا لم يعلنوا مثل هذه
الآراء الا لخاصة اصحابهم مع توصيتهم
بكتمانها.
و على هذا المنوال كان الشيعة محرومين من
بركات حكومة ائمة اهل البيت عليهم السلام،
هذا من جهة ، و من جهة اخرى لم يكن الشيعة
يقرون بشرعية الحكومات القائمة ;و هذا ما
جعلهم يعيشون ظروفا فى غاية العسر .و فى مثل
تلك الظروف كان يتحتم عليهم ـ وفقا للتعاليم
الواردة فى الروايات التى جات فى هذا المضمار
كمقبولة عمر بن حنظلة و مشهورة ابى خديجة ـ
الرجوع الى الفقهاء الحائزين على الشرائط
للنظر فى قضاياهم و خاصة القضائية منها .و قد
اكدت بعض تلك الروايات على ان الرد على امثال
هوءلا الفقهاء ، كالرد على الامام المعصوم، و
على حد الشرك بالله تعالى(.5)
و هكذا كانت دعاوى الشيعة و مشكلاتهم
القضائية التى تقع فى زمن الغيبة تحل عن طريق
الرجوع خفية الى الفقهاء الجامعين للشرائط .الى
ان حصلوا فى بعض المناطق على قوة ملحوظة مثل
الفاطميين الذين اقاموا دولة مستقلة فى مصر،
و الديالمة و آل بوية الذين تسلموا الحكم فى
بعض بلاد فارس، حتى انهم هيمنوا على الخلافة
العباسية التى كانت تعيش حالة من الانحدار و
التقهقر .الى ان انتهى بهم المطاف الى انشاء
الدولة الصفوية فى بلاد فارس و التى اخذت
تنافس الخلافة العثمانية آنذاك.
فى ظل تلك الاوضاع و الظروف، وجد فقهاء الشيعة
المجال مفسوحا امامهم لعرض آرائهم و بحوثهم
الفقهية فى باب الحكومة الاسلامية، و جاهروا
بنقد نظريات و آرا الفقهاء السنة، و انبروا
لتبيين الروءية الشيعية المرتكزة على مبدا
ولاية الفقيه.
لسنا هنا بصدد الدراسة التفصيلية لنظرية
ولاية الفقيه و اصولها و فروعها و مبانيها و
مستلزماتها، الا اننا و كما اشرنا فى مقدمة
البحث مضطرون لالقاء نظرة على آرا الفقهاء، و
ادلتهم فى هذا الموضوع من اجل الاجابة على
الاسئلة التى تثار فى هذا المجال.
و يشكل هذا الموضوع فى الحقيقة صلب المقالة
المعروضة بين يدى القارى.
ملاك مشروعية ولاية الفقيه
كان الشيعة ـ كما سلف القول ـ يرجعون الى
الفقهاء، امتثالا لما جا فى الروايات
المنقولة عن عمر بن حنظلة و ابى خديجة، و
التوقيع الصادر عن الناحية المقدسة، لحل ما
يعرض لهم فى شوءون حياتهم اليومية، و كانوا فى
الحقيقة يعتبرون الفقهاء الحائزين على
الشرائط(( نوابا عامين لامام العصر ))عجل الله
فرجه الشريف، مقابل((النواب الخاصين ))فى عصر
الغيبة الصغرى .و عندما حصل بعض الحكام الشيعة
على اسباب القوة اخذت مسالة ولاية الفقيه
تثار بشكل اوسع .و مع انتشار هذه الافكار بين
عموم الناس انصب اهتمام الحكام و السلاطين
الشيعة على كسب ود و تاييد الفقهاء الكبار
بغية اضفاء الصبغة الشرعية على سلطتهم، حتى
انهم كانوا يستاذونهم علنيا فى ادارة شوءون
البلاد.
و فى المقابل و جد الفقه فى تلك الاوضاع فرصة
سانحة لنشر المعارف الاسلامية الاصيلة.
و لكن يبدو ان ايا من السلاطين لم يكن مستعدا
التسليم السلطة للفقيه الجامع للشرائط فى اى
عصر من العصور .و فى الوقت ذاته ما كان اى من
الفقهاء يامل الحصول على مثل هذه السلطة.
و فى الواقع ان ولاية الفقيه لم تتحقق بمعناها
الاصيل الا مع انتصار الثورة الاسلامية فى
ايران.
حيث برزت عند ذاك الحاجة الى دراسات و بحوث
دقيقة حول مرتكزاتها و فروعها.
القضية الاساسية الاكثر اهمية تتمثل فى
التساوءل المثار عن الملاك فى مشروعية ولاية
الفقيه، و على اية صياغة فنية يقوم دليلها؟
لان الاجابة الواضحة و الدقيقة عن هذه
السوءال تتيح تقديم اجابات وافية عن المسائل
الفرعية، و منها الاسئلة المطروحة فى مطلع
هذه المقالة.
يمكن هنا الاشارة الى اصلين اساسيين هما:
الاول :تستمد ولاية و حكومة الفقيه شرعيتها من
الولاية التشريعية الالهية .بل و لا شرعية
لاية ولاية اساسا الا باذن و تنصيب الهى، و اى
اعتراف بشرعية اية حكومة عن طريق آخر غير هذا
يعد نوعا من الشرك فى الربوبية التشريعية
الالهية .و بعبارة اخرى ان الله عز و جل منح
مقام الحكومة و الولاية على الناس للامام
المعصوم، و الامام المعصوم هو الذى يعين
الفقيه الجامع للشرائط ـ سوا فى زمن حضوره و
عدم تسلمه للسلطة، او فى زمن غيبته ـ و طاعته،
فى الحقيقة، طاعة للامام المعصوم، كما ان
الرد عليه بمنزلة الرد على الامام المعصوم، و
انكار الولاية التشريعية الالهية((:و الراد
علينا الراد على الله و هو على حد الشرك بالله())6.)
الثانى :ان الشارع المقدس منح حق الولاية
للامام المعصوم فحسب .و من الطبيعى ان تصريفها
يختص بزمن حضوره .و اما فى زمن غيبته فيجب على
الناس العمل بالقواعد الكلية نظير(( اوفوا
بالعقود ))و(( المسلمون عند شروطهم ))او احيانا
حين تتوافر مثل هذه الادلة.
ينتخبون الشخص الجدير بالحكومة و يبايعونه،
نظير ما يعتقده اهل السنة بشان الحكومة بعد
رحيل رسول الله صلى الله عليه و آله .و غاية ما
فى ذلك هو ان الشريعة قد بينت شروط الحاكم
الصالح، و المسلمون مكلفون ان يشرطوا عليه
اثناء يبيعتهم له، العمل وفق ما جا فى احكام
الاسلام.
و الملاك فى مشروعية ولاية الفقيه ـ فى ضوء
هذا الاصل ـ هو العقد الذى يبرمه مع الناس .اى
ان البيعة هى التى تضفى الشرعية هنا على ولاية
الفقيه.
يبدو ان المرتكز فى اذهان الشيعة، و المستفاد
من اقوال الفقهاء هو الاصل الاول .و التعابير
الواردة فى الروايات الشريفة توءيد هذا
المعنى تاييدا تاما .و اما الموجب لذكر الاصل
الثانى فهو اما الميل الى الاتجاه الديمقراطى
الغربى ـ الذى وجد له مع الاسف رواجا فى
البلدان الاسلامية ـ او للاتيان بدليل جدلى
لاقناع و الزام المعارضين، على غرار ماجا فى
خطاب امير الموءمنين عليه السلام لمعاوية
بشان اعتبار بيعة المهاجرين و الانصار(7.)
و على كل الاحوال، نتناول دراسة المسائل
المعنية على اساس كلا الاصلين .و لكن قبل
الدخول فى صلب الموضوع لابد من عرض ايضاح حول
اصل نظرية ولاية الفقيه و مفاد ادلتها.
ادلة ولاية الفقيه
يقسم دليل اثبات ولاية الفقيه
الجامع للشرائط عموما الى قسمين :عقلى و نقلى.
الدليل العقلى
نظرا لضرورة وجود الحكومة من
اجل تلبية حاجات المجتمع و منع وقوع الفوضى و
الفساد و الضطراب النظام .و بما ان احكام
الاسلام لا تختص بعهد الرسول صلى الله عليه و
آله و الائمة عليهم السلام و انما يجب تطبيقها
فى كل العصور، من هنا يمكن اثبات ولاية الفقيه
بدليلين هما:
اولا :عندما يتعذر تحقيق المصلحة بشكلها
المثالى المطلوب، يجب حينئذاك احراز المرتبة
الادنى من الحد المطلوب .و فى المسالة
المعروضة امامنا حينما يحرم الناس من المصالح
التى توفرها لهم حكومة الامام المعصوم يجب
عليهم السعى لنيل المرتبة التالية لها.
اى يجب عليهم تبنى حكومة من هو اقرب الى
الامام المعصوم .و هذا القرب يتبلور فى ثلاثة
امور اصلية، هى:
ا ـ العلم باحكام الاسلام العامة، و تلك هى
الفقاهة.
ب ـ الجدارة الروحية و الاخلاقية بحيث لا يقع
تحت تاثير الاهواء النفسية و الترغيب
و الترهيب، و تلك هى التقوى.
ج ـ الكفاءة و القدرة على تدبير شوءون
المجتمع، و هذا يستلزم توافر خصال فرعية من
قبيل
الوعى السياسى و الاجتماعى ، و فهم القضايا
الدولية، و الشجاعة فى التصدى للاعدا و
المفسدين، و الحدس الصائب فى تحديد الاولويات
و الشوءون الاكثر اهمية، و ما شابه ذلك.
اذن يجب ان يتصدى لزعامة المجتمع من تتوافر
فيه هذه الشروط اكثر من غيره من الناس، و هو
الذى يخلق الانسجام بين اركان الحكومة و
يسوقها نحو الكمال المنشود.
و تعيين مثل هذا الشخص يقع طبعا على عاتق ذوى
الخبرة، كما هو الحال فى سائر جوانب الحياة
الاجتماعية.
ثانيا :ان الولاية على اموال و اعراض و نفوس
الناس من شان الله تعالى، و تتخذ صيغتها
الشرعية بتنصيب و اذن منه .و نحن نوءمن انه منح
هذه السلطة القانونية للرسول الكريم صلى الله
عليه و آله و سلم، و للائمة المعصومين عليهم
السلام .و لكن عندما يحرم الناس من القائد
المعصوم، فاما ان يكون البارى تعالى قد اذن
للناس بالانصراف عن تطبيق الاحكام
الاجتماعية للاسلام، او انه اجاز لاصلح الناس
تطبيقها لكى لا يستلزم ذلك ترجيح المرجوح
عليه و نقض الغرض المطلوب و ما هو مخالف
للحكمة.
و نظر البطلان الفرض الاول، يثبت لدينا الفرض
الثانى .اى اننا نستشف عن طريق العقل ان مثل
هذا الاذن قد صدر من الله تعالى و من الاوليا
المعصومين و ان لم يصلنا دليل نقلى واضح فى
هذا الخصوص .و الفقيه الجامع للشرائط هو ذلك
الفرد الاصلح الذى يعرف احكام الاسلام اكثر
من غيره، و يتصف ايضا بضمانه اخلاقية اكثر من
اجل تطبيق تلك الاحكام اكثر كفاءة من غيره فى
ضمان مصالح المجتمع و تدبير شوءونه.
اذن نستشف شرعية ولايته عن طريق العقل، مثلما
الحال فى الكثير من الاحكام الفقهية الاخرى و
خاصة فى الشوءون الاجتماعية التى تثبت لدينا
صحتها عن هذا الطريق(اى طريق الدليل العقلى.)
الادلة النقلية
و هى عبارة عن الروايات الدالة
على ارجاع الامة الى الفقهاء للنظر فى
متطلباتهم الحكومية وخاصة الشوءون القضائية
و المنازعات، او تلك التى تسمى الفقهاء بصفة((
الامناء ))او(( الخلفاء)) او(( ورثة الانبياء ))و
من بايديهم زمام الامور .و د انجزت بحوث و فيرة
عن سندها و دلالتها يتسع المجال هنا للدخول فى
تفاصيلها، و يمكن الرجوع الى الكتب و الرسائل
المختصة فى هذا الحقل.
و من بين تلك الروايات مقبولة عمر بن حنظلة، و
مشهورة ابى خديجة، و التوقيع الشريف للامام
صاحب الزمان عجل الله فرجه، و هى ذات سند
معتبر، و من غير المسوغ التشكيك فى سند امثال
هذه الروايات التى تتسم بشهرة الراوية و
الفتوى، و دلالتها واضحة على تنصيب الفقهاء
كنواب عن الامام المقبوض اليد فى تصريف
الامور .و ان لم تكن الحاجة لمثل هذا التنصيب
فى زمن الغيبة اكثر، فهو لا يقل عنه.
اذن يثبت لدينا نصب الفقيه فى زمن الغيبة
بدلالة(( الموافقة.))كما ان احتمال تفويض تنصيب
ولى الامر الى الناس فى زمن الغيبة لا يقوم
عليه ادنى دليل كما انه يتنافى مع التوحيد فى
الربوبية التشريعية، و لم يقل به اى فقيه شيعى(
الا فى الآونة الاخيره )و لا حتى من باب
الاحتمال.
و على اية حال تعتبر الروايات المار ذكرها
موءيدات جيدة لتعضيد الادلة العقلية.
يتضح اذن فى ضوء هذا المبداء ان البيعة لا دور
لها ابدا فى شرعية ولاية الفقيه، مثلما انها
مجردة ايضا عن اى دور فى شرعية حكومة الامام
المعصوم، و انما توفر بيعة الناس الارضية
لانزال مبدا الولاية الى حيز التنفيذ، و لا
عذر للحاكم الشرعى مع وجود البيعة للاعتزال
عن تدبير شوءون المجتمع، و هو ما يشير اليه
قول امير الموءمنين عليه السلام(( :لو لا حضور
الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر())...8.)
و هنا يخطر سوءال مفاده :باية صورة حصل تنصيب
الولى الفقيه من الله تعالى و من الامام
المعصوم؟ و هل مقام الولاية لكل فقيه جامع
للشرائط بالفعل؟ ام انها لفرد خاص دون غيره؟
ام لمجموع الفقهاء فى كل عصر؟
و للاجابة على هذه التساوءلات ينبغى القول :اذا
كان المستند الاساسى هو الدليل العقلى،
فمقتضاه واضح ;لان نصب الفقيه الافضل من حيث
الكفاءة الادارية و مستلزماتها و من لديه
القدرة على ادارة دفة شوءون جميع مسلمى
العالم عبر تعيين الحكام و الولاة المحليين،
اقرب الى المشروعالاصلى لحكومة الامام
المعصوم، و هو اقدر على تحقيق الهدف الالهى
القاضى بوحدة الامة الاسلامية و حكومة العدل
العالمية .و لكن فيما لو انعدمت الظروف
العالمية المناسبة لاقامة مثل هذه الدولة
الواحدة .يجب النزول الى صيغ اخرى مع مراعاة
الاقرب فالاقرب.
و لكن لو كان المستند الاصلى له هو الروايات ;فمع
ان مقتضى اطلاقها يفيد ولاية كل فقيه جامع
للشرائط، و لكن بما ان روايات اخرى اكدت على
تقديم الاعلم، كالحديث النبوى المشهور(9 )و
صحيحة عيص بن قاسم، لهذا السبب نصل الى مفاد
نفس تلك الادلة العقلية.
السوءال الآخر الذى يثار هنا هو :اذا لم يوجد
الشخص الافضل فى جميع الجوانب، فما الذى
ينبغى عمله؟
و جواب ذلك هو ان الافضل نسبيا يجب ان يتصدى
لادا هذه المسوءولية .و على الناس القبول
بولايته .و فروع هذه المسالة تتسع طبعا للكثير
من البحث، و تتطلب بحثا مستانفا.
النتيجة
نعود هنا للاجابة عن الاسئلة
التى اثرناها فى بداية البحث و هى:
مفاد السوءال الاول هو:اذاكان بلد اسلامى
واحد يحكمه نظام ولاية الفقيه، هل يجب على
المسلمين الذين يعيشون فى بلدان غير اسلامية
اطاعة او امره الحكومية ام لا(طبعا فيما اذا
كانت اوامره تشملهم ايضا)؟
جواب هذا السوءال وفقا للمبدا الاول( اى ثبوت
الولاية بالتعيين او باذن الامام المعصوم)،
واضح;لانه على فرض احراز افضلية الفقيه
المذكور للتصدى لمقام الولاية، ووفقا للادلة
العقلية و النقلية يحق لمثل هذا الشخص
الولاية على الناس، و يكون امره نافذا على كل
مسلم و يجب عليه تنفيذه .اذن طاعته واجبة ايضا
حتى على المسلمين المقيمين فى الدول غير
الاسلامية.
اما فى ضو المبدا الثانى الذى ينص على توقف
ولاية الفقيه على الانتخاب و البيعة فيمكن
القول ان انتخاب اكثرية الامة او اكثرية
اعضاء الشورى او اهل الحل و العقد يعتبر حجة
على الآخرين ايضا .و هذا مما يقره العقل و ربما
توءيده بعض الاقوال النقضية الواردة فى نهج
البلاغة(10 )و التى تنظر بعين الاعتبار لبيعة
المهاجرين و الانصار .و هذا يعنى ان طاعة
الولى الفقية، وفقا لهذا المبدا، واجبة ايضا
على المسلم المقيم فى البلاد غير الاسلامية،
سوا بايع ام لم يبايع.
و لكن قد يقال ان هذا الانتخاب و هذه البيعة
معناها تفويض الصلاحية من قبل المبايع
للمبايع له ضمن اتفاق معين، و من هنا تجب طاعة
الولى الفقيه على من بايعه فقط، و هى غير
واجبة على المسلمين خارج تلك الدولة بل و لا
على المسلمين الذين لم يبايعونه فى داخل تلك
الدولة .الا ان حكم العقل ليس ثابتا و لا قاطعا
فى مثل هذه المسالة .كما هو الحال فى الآراء
الجدلية التى لا يراد من ورائها الا اقناع او
الزام الخصم ليس الا.
اما السوءال الثانى فكان مفاده :اذا كانت هناك
دولتان اسلاميتان، احداهما فقط تساس بنظام
ولاية الفقيه، فهل طاعته واجبة على المسلمين
الذين يعيشون فى دولة اخرى ام لا؟ و جواب هذا
السوءال يجرى ايضا مجرى السوءال السابق مع
فارق واحد هنا و هو امكان افتراض صورة نادرة
اخرى و هى ان مسلمى البلد الآخر، اذا كانوا
يرون حكومتهم ـ اجتهادا او تقليدا ـ شرعية و
واجبة الطاعة( حتى و ان كانت تدار بنمط آخر
يختلف عن ولاية الفقيه)، يكون واجبهم الظاهرى
هنا طاعة حكومتهم، و ليس طاعة الولى الفقيه
الذى يحكم فى بلد آخر.
و اما السوءال الثالث فهو:اذا اقام اهالى
دولتين اسلاميتين او اكثر ولاية فقيه خاصة
بهم فهل يعتبر حكم اى من الفقهاء الحاكمين
نافذا من التانى، و سبب ذلك يعود الى:
اولا :يجب افتراض شرعية ولاية كلا الفقيهين(
او الفقهاء )و حكم كل منهم واجب الطاعة فى
بلده، كما سبق و ان اشرنا الى ان وجود بلدين
اسلاميين مستقلين استقلالا تاما و لهما
حكومتان شرعيتان يقبل فى حالة تعذر اقامة
حكومة اسلامية واحدة، و اما اذا افترضنا ان
ولايةاحد الفقهاء فقط شرعية و محرزة، فهذا
نعود الى ما عرض فى المسالة السابقة.
ثانيا :يجب ان نفترض على ادنى تقدير ان حكم احد
الفقهاء الحاكمين امرا عاما بحيث يشمل
المسلمين المقيمن فى البلد الآخر الذى يتبع
فقيها آخر، تكون لهذه المسالة ثلاثة احتمالات
على الاقل ;لان الحاكم الآخر اما يوءيده، او
ينقضه، او يسكت ازاه.
فاذا ايد الحاكم الآخر الحكم المذكور، فلا
نقاش فى هذا الصدد لان هذا يعتبر بمنزلة اصدار
حكم مشابه من قبله و يجب تنفيذه طبعا، و اما
اذا نقضه ـ و لا بد ان يكون نقضا معتبرا طبعا
يستند الى بطلان ملاك ذلك الحكم بشكل عام، او
القول بعدم نفاذه على ابناء دولته ـ ففى هذه
الحالة يكون للحكم المنقوض اى اعتبار عند
اهالى دولته ،الا اذا او قن ان النقض الوارد
لم يكن صحيحا اما اذا اختار الصمت ازا الحكم
المذكور، تكون الحالة هنا وفقا للاصل الاول
فى اعتبار ولاية الفقيه( حيث يكون التعيين من
قبل الامام المعصوم .)اي تجب طاعته حتى على
الفقهاء الآخرين.
مثلما ينفذ حكم احد القاضيين الشرعيين على
القاضي الآخر و على نطاق الدائرة التي يقضي
فيها.
و اما اذا نظرنا للمسالة فى ضوء الاصل الثانى
فيجب القول حينها ان حكم كل فقيه نافذ على
اهالى دولته فقط( بل و على من بايعه منهم فقط )و
لا اعتبار له على الآخرين و لا مجال هنا
للتمسك بدليل العقل.
و اما على فرض مبايعة المسلمين المقيمين فى
بلد ما للفقيه الحاكم فى بلد آخر، فهذا يعتبر
فى الحقيقة بمثابة انسلاخ من الانتما الى
البلد الذى يقيمون فيه و اختيار الانتما الى
البلد الذى بايعوا الولى الحاكم فيه، و لا
تدخل هذه المسالة فى صلب موضوعنا هذا.
الهوامش
1 ـ راجع فى هذا المجال كتب
القانون و القانون الدولى.
2 ـ امام الحرمين الجوينى، كتاب الارشاد، نقلا
عن :نظام الحكم فى الشريعة و التاريخ
الاسلامى، ص322، 326.
3 ـ القاضى ابويعلى، الاحكام السلطانية ، ص20،
23 ;و ابن قدامة الحنبلى، المغنى، ج10، ص52;
و النووى، المنهاج، ص518 ;و الدكتور و هبة
الزحيلى، الفقه الاسلامى و ادلته ، ج6، ص682.
4 ـ الكلينى، الكافى، ج1، ص178;و المجلسى،
بحارالانوار، ج25، ص16 و 107 ;و عيون اخبار الرضا،
ج2، ص101 ;و علل الشرائع، ج1، ص254.
5 ـ الكلينى، الكافى، ج1، ص67، و ج7، ص412.
6 ـ وسائل الشيعة، ج18، ص98 ;اصول الكافى، ج1، ص67 ;التهذيب،
ج2، ص218، 301.
7 ـ نهج البلاغة، الخطبة 173، و الرسالة ;و شرح
نهج البلاغة(ابن ابى الحديد )ج4، ص17.
8 ـ نهج البلاغة، الخطبة الشقشقية.
9 ـ البرقى، المحاسن، عن رسول الله(ص)انه قال(( :من
ام قوما و فيهم اعلم منه او افقه منه لم يزل
امرهم فى سفال الى يوم القيامة .))و ايضا راجع :نهج
البلاغة، الخطبة 173 ;و وسائل الشيعة، ج1، ص35;
و تحف العقول، ص375 ، و كتاب سليم بن قيس، ص148.
10 ـ نهج البلاغة، الخطبة 173، و الرسالة 6 ;و شرح
نهج البلاغة، لابن ابى الحديد، ج4، ص17.