النبوة

 

الفصل الثالث : النبوة

 

الفصل الثالث : النبوة

( انقر على السؤال لتحصل على الجواب )

س 58 : ما معنى النبي و الرسول ؟

س 59 : ما الدليل على وجوب ارسال النبي من الله إلى الخلق ؟

س 60 : لماذا لا يصح أن يكون أمر التشريع بيد عقلاء الناس و بذلك نستغني عن بعث الأنبياء ؟

س 61 : كم عدد الأنبياء الذين بعثهم الله إلى الناس ؟

س 62 : كم عدد الأنبياء الذين جاء ذكرهم في القرآن ؟

س 63 : كم عدد المرسلين منهم (ع) ؟

س 64 : من هم أفضل الأنبياء ؟

س 65 : لماذا سموا أولي العزم ؟

س 66 : كم عدد الكتب المنزلة ؟ و ما هي ؟

س 67 : ما هي صفات النبي التي يجب أن يتصف بها ؟

س 68 : ما الدليل على وجوب عصمة النبي من الذنوب و تنزيهه عن العيوب و النقائص ؟

س 69 : ما الدليل على وجوب كون النبي أكمل أهل زمانه و أفضلهم ؟

س 70 : من هو النبي المرسل إلينا و الذي يلزمنا الاعتراف بنبوته ؟

س 71 : من هي أمه ؟

س 72 : ما كنيته ؟

س 73 : متى كانت ولادته ؟

س 74 : متى كانت وفاته ؟

س 75 : كم كان عمره ؟

س 76 : ما الذي يجب أن نعتقد في آباء النبي (ص) ؟

س 77 : ما الدليل على ذلك ؟

س 78 : ما الدليل على نبوة محمد (ص) ؟

س 79 : ما هو المعجز ؟

س 80 : يقول بعض الناس لماذا أهملت قارة أمريكا و هي قارة عظيمة فلم يبعث الله فيها رسولا و لم تبلغها دعوة من نبي أو رسول إلى حين اكتشافها ؟

س 81 : ما هي المعجزات التي ظهرت على يد النبي محمد (ص) ؟

س 82 : من أين يحصل لنا العلم بصدور هذه المعجزات لتدلن على نبوته ؟

س 83 : ما حد التواتر ؟

س 84 : إلى كم ينقسم التواتر ؟

س 85 : معجزات النبي (ص) هل هي متواترة لفظا أو معنى ؟

س 86 : هل بقي من معجزات النبي (ص) شيء إلى الآن ؟

س 87 : ما هي المعجزة الأولى منهما ؟

س 88 : ما هي المعجزة الثانية ؟

س 89 : هل كان النبي يقرأ و يكتب ؟

س 90 : بأي شريعة كان نبينا محمد (ص) يتعبد قبل أن يرسل ؟

س 91 : يقول بعض الناس أن القرآن لا يكفي في إثبات نبوة النبي (ص) باعتبار فصاحته و بلاغته و ذلك لأن العرب إما يكونوا عارفين بفصاحته و بلاغته أو لا فإن كانوا عارفين بها فلا يصح أن تنسبوا إليهم العجز عن الإتيان بمثله و تلك قضية القدرة على الشيء و على مثله و إن لم يكونوا عارفين بهما فلا حجة في تصديقهم به لأنها غير مسبوقة بالتصور و المعرفة إذ كل تصديق لم ينشأ عنهما فلا حجة فيه فما يكون ردهم ؟

 

====================================================================

 

س 58 : ما معنى النبي و الرسول ؟

ج 58 : يشترك النبي و الرسول في أنهما الإنسان المخبر عن الله بالعمل بغير واسطة أحد من البشر و يفترق الرسول عنه بالتبليغ و أداء الرسالة فبقولنا الإنسان أخرجنا الملك و بقولنا بغير واسطة أحد من البشر أخرجنا الإمام و العالم فإن الإمام يخبر عن الله و لكن بواسطة النبي و العالم يخبر عن الله و لكن بواسطة النبي و الإمام وإنما قلنا من البشر لئلا يخرج النبي لأنه مخبر عن الله بواسطة جبرائيل ولكن جبرائيل ليس من البشر.

 

في وجوب ارسال النبي

 

س 59 : ما الدليل على وجوب ارسال النبي من الله إلى الخلق ؟

ج 59 : دليلنا على ذلك هو أن الله تعالى لم يخلق الناس عبثا ، لأن العبث عمل قبيح كما تقدم فلا بد أنه خلقهم لمصلحة تعود عليهم بالنفع الجزيل و القرآن يقرر هذا بقوله تعالى { و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون } فلا بد أن يرسل إليهم أنبياء يبينون لهم الأحكام و يعرفونهم الحلال و الحرام و يقيمون الحدود و ينصفون للمظلومين من الظالمين و يحكمون بين الناس بالعدل{ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } كما يقول القرآن و يرشدونهم إلى ما يجب عليهم أداؤه من وظيفة شكر المنعم الذي نعمه عليهم ظاهرة و باطنة لأنا لا نستطيع بعقولنا أن ندرك أي نوع يريده من تعظيمنا له و شكرنا إياه و هذا لا يتم إلا ببعث الأنبياء  من قبله لأن ما لا يتم الواجب إلا به و كان مقدورا واجب عقلا .

 

أمر التشريع لا يصح أن يكون بيد الناس

 

س 60 : لماذا لا يصح أن يكون أمر التشريع بيد عقلاء الناس و بذلك نستغني عن بعث الأنبياء ؟

ج 60 : أولا ، لا شك في أن الناس مختلفون في أهوائهم و متباينون في طبائعهم فلو لم يكن القانون الذي يرجعون إليه في حل مشكلاتهم سماويا لم يمكن رجوع الجميع إليه لوقوع التنافس بينهم فيكثر الهرج و المرج و قد يظلم القوي الضعيف و قد يتجاوز الجاهل على الآخرين فيؤدي إلى إثارة الفتن و اختلال النظام و انقطاع النسل و به خراب الدنيا .

 

ثانيا ، لما كان الإنسان مدنيا بالطبع وكان محتاجا إلى قانون ينظم مدنيته و نحن نجد العقلاء كافة على اختلاف مللهم و تباين نحلهم يرجعون في أمر التقنين و التشريع حسب الإمكان إلى من هو أعرف بمواقعه و أكثر اطلاعا على مناسبات المصالح و المفاسد و أقوى فهما بالموازنة و التعديل بين الشخصيات و النوعيات لذا ترى أهل التشريع الديمقراطي و غيرهم يرجعون في أمره بحكم فطرتهم و حسب جهدهم إلى من يثقون به من عقلائهم العارفين في الجملة بمصالح الشعب و مفاسده من حيث المادة و البيئة و الاستقلال و الأدب و المناسبات مع غيرهم من الشعوب و لا يقصدون من تعدد المشرعين و كثرتهم إلا الوثوق بالنصيحة و تعاضد الأفكار و استقرار الآراء بالبحث و التنقيب  للوصول إلى معرفة الصواب و مع ذلك فإنهم لا يسلمون من زلات الخطأ الذي ربما يتدارك شيء منه بالتعديل و التبديل و لا يسلمون من اختلاسات الأهواء و المحاباة الموجبة لضياع الكثير من الحقوق و هضمه في غير موضعه و بهذا الوجه الوجيه يكون الله تعالى هو المرجع  الوحيد في أمر التشريع و التقنين دون غيره بحكم العقل و الفطرة و بطريقة العقلاء لأنه أعرف من الناس كلهم بما يصلحهم و ما يفسدهم { و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } و هو العالم بحقائق الأشياء في جميع الشؤون و يكون بيان التشريع للناس من قبله بواسطة ارسال الرسل لينظم لهم مدنيتهم على الوجه الأكمل و حضارتهم على النحو الأصلح .

 

عدد الأنبياء و المرسلين

 

س 61 : كم عدد الأنبياء الذين بعثهم الله إلى الناس ؟

ج 61 : عددهم أربعة و عشرون ألف ومائة (124000) نبي قبل نبينا محمد(ص) .

 

س 62 : كم عدد الأنبياء الذين جاء ذكرهم في القرآن ؟

ج 62 : عددهم خمسة و عشرون نبيا و هم : 1- آدم ، 2- نوح ، 3- إدريس ، 4- صالح ، 5- هود 6- إبراهيم ، 7- إسماعيل ، 8- لوط ، 9- إسحاق ، 10- يعقوب ، يوسف ، 12- شعيب ، 13- أيوب ، 14- هارون ، 15- موسى ، 16- ذو الكفل ، 17- داود ، 18 - سليمان ، 19- اليسع ، 20- إلياس ، 21- يونس ، 22- زكريا ، 23- يحي ، 24- عيسى ، 25 - نينا محمد صلوات الله عليه و آله و عليهم أجمعين .

 

س 63 : كم عدد المرسلين منهم (ع) ؟

ج 63 : عددهم ثلاثة عشر و ثلثمائة رسول (ع) .

 

س 64 : من هم أفضل الأنبياء ؟

ج 64 : أفضلهم أولو العزم و هم خمسة 1- نوح ، 2- إبراهيم ، 3- موسى ، 4- عيسى ، 5- نبينا محمد (ص) و أفضل الخمسة هو نبينا محمد (ص) .

 

س 65 : لماذا سموا أولي العزم ؟

ج 65 : إنما سموا أولي العزم لعزيمة طاعتهم و وجوبها على الناس أجمعين بخلاف غيرهم فإن النبي منهم كان نبيا على نفسه و الرسول لم تكن رسالته عامة .

 

س 66 : كم عدد الكتب المنزلة ؟ و ما هي ؟

ج 66 : أما الكتب المنزلة فهي توراة موسى و إنجيل عيسى و صحف إبراهيم و صحف إدريس و صحف شيث و زبور داود و فرقان محمد (ص) .

 

س  67 : ما هي صفات النبي التي يجب أن يتصف بها ؟

ج 67 : يجب في النبي أن يكون معصوما من الصغائر و الكبائر قبل نصبه و بعده عمدا و نسيانا أو خطأ و منزها عن كل منقصة و ضعة و العصمة قوة في العقل لئلا تغلبه المعاصي مع قدرته عليها و أن يكون أكمل أهل زمانه في جميع الصفات الفاضلة كالتقوى و الورع و العلم والحلم و الشجاعة و الكرم و نحوها و أفضلهم في عموم الخصال الجميلة عالم بجميع العلوم و اللغات و ما تحتاج إليه الأمة و يكون منزها عن دناءة الأباء و عهر الأمهات و كفرهما و منزها عن الرذائل و الأفعال التي تحط الكرامة كالتي توجب الاستهزاء به و السخرية منه و الضحك عليه لأن العيب في الأباء يوجب أن يعير به و ذلك مناف للغرض المطلوب من بعثه و في النفس يسقط محله بين الناس و ينفرهم من الانقياد له و يكون منزها عن العيوب كالأكل على الطريق و الحقد والحسد و البخل و البرص و الجذام و أن تكون زوجته عفيفة غير زانية إلى غير ما هنالك من الرذائل .

 

الدليل على وجوب عصمة النبي

 

س 68 : ما الدليل على وجوب عصمة النبي من الذنوب و تنزيهه عن العيوب و النقائص ؟

ج 68 : دليلنا على ذلك أن العيوب و الذنوب توجب سقوط محله من قلوب الناس و عدم الوثوق به و الاطمئنان إليه و الانقياد إلى أفعاله و الأخذ بأقواله و ذلك كله ينافي الغرض المفصود من إرساله .

 

الدليل على وجوب كونه أكمل أهل زمانه و أفضلهم

 

س 69 : ما الدليل على وجوب كون النبي أكمل أهل زمانه و أفضلهم ؟

ج 69 : دليلنا على ذلك ، أولا  استحالة الترجيح بلا مرجح عقلا ، ثانيا أن تقديم المفضول على الفاضل قبيح عند العقلاء ألا ترى أنه لا يجوز عقلا أن نقدم المبتدأ بالعلوم العربية مثلا على (الحامل لشهادة الدكتوراه ) و القرآن يقرر هذا بقوله تعالى

{ أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون } .

 

النبي المرسل إلينا

 

س 70 : من هو النبي المرسل إلينا و الذي يلزمنا الاعتراف بنبوته ؟

ج 70 : هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن نضر ابن نزار بن معد بن عدنان .

 

س 71 : من هي أمه ؟

ج 71 : أمه آمنة بنت وهب .

 

س 72 : ما كنيته ؟

ج 72 : يكنى أبو القاسم .

 

س 73 : متى كانت ولادته ؟

ج 73 : كانت ولادته (ص) في السابع عشر من شهر ربيع الأول و قيل في الثاني عشر من ربيع الأول .

 

س 74 : متى كانت وفاته ؟

ج 74 : كانت وفاته (ص) في اليوم الثامن و العشرين من شهر صفر و قيل في الثاني عشر من ربيع الأول .

 

س 75 : كم كان عمره ؟

ج 75 : كان عمره الشريف ثلاثا و ستين سنة .

 

س 76 : ما الذي يجب أن نعتقد في آباء النبي (ص) ؟

ج 76 : الذي يجب الإعتقاد به في آباء النبي هو أنه ليس فيهم كافر و لا مشرك و لا في أمهاته زانية من أبيه عبدالله إلى آدم (ص)  و من أمه آمنة إلى حواء (ع) .

 

س 77 : ما الدليل على ذلك ؟

ج 77 : دليلنا على ذلك مضافا إلى ما تقدم في صفات النبي ، قوله تعالى { هو الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين } فإن المروي في تفسيره في المتفق على روايته بين الأمة { هو تقلبك في الموحدين } أي انتقاله (ص) من أصلاب الموحدين الساجدين إلى أرحام الموحدات الساجدات و قوله (ص) في الصحيح المتفق عليه ( نقلنا من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية ) و المراد أن آباءه كانوا مسلمين بدليل قوله تعالى { إنما المشركون نجس } .

 

س 78 : ما الدليل على نبوة محمد (ص) ؟

ج 78 : دليلنا على نبوته هو أنه ادعى النبوة و الرسالة إلى الناس كافة و أظهر المعجز الخارق للعادة على وفق دعواه لغرض التصديق به و كل من كان كذلك فهو نبي مرسل إذ لا يجوز على الله إظهار المعجز على أيدي الكاذبين لأن إظهاره تصديق من الله و كل من صدقه الله فهو صادق و الكاذب لا يجوز تصديقه لقبحه عقلا و نقلا أما ادعاؤه الرسالة من الله إلى العباد فهو معلوم لدى العام و الخاص حتى عرف ذلك جميع أهل الملل و الأديان ، من القسيسين و الرهبان و علماء اليهود المعاصرين له (ص) فإما ان يكون قد عارضوه في دعوته أو أنهم تقاعدوا و سكتوا أما الثاني فواضح البطلان و ذلك لأنه ليس من المعقول أن يتقاعدوا و يسكتوا عن نصرة أديانهم عمن يدعي بطلانها مع ما قضت به العادة من تعصب أهل الأديان لأديانهم و حرصهم عليها و مناجزتهم من يريد السوء بها و قتلهم و قتالهم له كما صنع ذلك المشركون و غيرهم معه (ص) فلا بد أنهم قد عارضوه

 

و حاجوه في دعوته (ص) و حينئذ فأما أن يكون قد ظهروا عليه و خصموه أو أنه (ص)  خصمهم و أبطل ما عندهم بما عنده من البراهين النيرة و المعجزات الباهرة أما الشق الأول فباطل و إلا لشاع و ذاع و ملأ البقاع و قرع الأسماع و لشحنوا به الصحف فعرفناه و لأنشدت به الركبان في حلها و ترحالها و في ليلها و نهارها و لم علت له كلمة و لم تكن له أمة و لم قام له عمود و لذهب ذهاب أمس الدابر مع أن الذين آمنوا به و صدقوه (ص) كلهم كانوا من أهل الأديان و عبدة الأوثان الذين هم أشد الناس حرصا في تكذيبه و أبلغهم في الإنكار عليه و أكثرهم إيذاء له فإذا بطل هذا بحكم العقل و الوجدان ثبت أنه خصمهم جميعا و ظهر عليهم بالمعجزات فأفحمهم بها فآمن به قوم و كفر به آخرون ظلما و علوا كما يقول القرآن { و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما و علوا } و أما تصديقنا لمن كان قبله من الأنبياء (ص) فلأجل أنه أخبرنا بوجودهم قبله و دلنا على عددهم و هو الصادق الأمين في إخباره و إلا فلا سبيل لنا إلى التصديق بوجودهم (ع) إذ ليس لهم معجزات في واقعنا لكي يمكن الاحتجاج بها على ثبوت نبوتهم لذا فليس لليهود و النصارى المعاصرين سبيل إلى إثبات نبوة موسى و عيسى (ع) إلا

 

من طريق إخبار نبينا محمد (ص) و أما احتجاجهم بالتوراة و الأناجيل المعاصرة فباطل على باطل إذ لا نسلم لهم صحة شيء منها إطلاقا و لأن الاحتجاج بها موقوف على صحة كونها مكتوبة لهما أو بأمرهما و قد عرضت عليهما فلو توقفت صحة ثبوتهما عل صحة كونهما مكتوبة لهما أو بأمرهما و قد عرضت عليهما لزم توقف صحة الشيء على صحة نفسه و هو دور صريح معلوم بالضرورة بطلانه وإن رجعوا في إثبات صحتهما إلى القرآن و تصريحه بوجود التوراة و الإنجيل  فيقال لهم أن التمسك بالقرآن على كون التوراة و الأناجيل الرائجة عندهم هي النازلة على موسى و عيسى (ع) موقوف على الاعتراف بصحة القرآن أولاً و ثانياً موقوف على إثبات كونها مما جاء القرآن على ذكرها فعليهم أن يثبتوا ذلك لأن البينة على المدعى و الأصل مع المنكر و ليس علينا أن نأتي بما يبطل هذه الدعوى لأنها لم تثبت و لن تثبت إطلاقا و لأن واضعي التوراة و الأناجيل أناس معروفون ينتهي سند هذه الكتب إليهم وهم غير معصومين طبعا فيجوز أنهم كاذبون في تأليفها و حينئذ فلا يمكن لنا أن نقطع بصدقهم بل لنا أن نقول أنهم غير صادقين في وضعها كما يجد ذلك كل من اطلع عليها و قد كتبت في ذلك كتابا مستقلا سميته ( نظرات في الإنجيل و التوراة ) يجدر بالباحثين عن الحقيقة و الصواب أن يطلعوا عليه فإن فيه زيادة لمستزيد

 

ما هو المعجز

 

س 79 : ما هو المعجز ؟

ج 79 : المعجز هو الأمر الخارق للعادة المقارن لدعوة النبوة المطابق للدعوة الذي يعجز الناس عن الإتيان بمثله عادة و لا يمكنهم معارضته و إذا عجزوا عن ذلك حصل لهم الإعتقاد أنه من الله و يقرر هذا قوله تعالى { وجحدوا به و استيقنتها أنفسهم ظلما و علوا } أي أن المعجزات أفادتهم القطع و اليقين برسالته (ص) و لكنهم جحدوها ظلما و تعصبا و قد خرج بقولنا المقارن لدعوى النبوة الكرامة التي تجري على أيدي الصلحاء غير واجبي العصمة و بقولنا المطابق للدعوى ، خرج مثل ما ينقل عن مسيلمة أنه قيل له أن محمدا (ص) دعا لأعور فصار مبصرا فدعا مسيلمة لأعور فصار أعمى و بقولنا الذي يعجز الناس عن الإتيان بمثله و لا يمكنهم معارضته خرج السحر و الشعبذة لأن السحر و إن عجز عنه بعض الناس و خرق العادة أحيانا فإنه أولا لا حقيقة تحته و المعجز عين الحقيقة ،ثانيا أن السحر لا يكون إلا بعد تهيئة الأسباب و بدون دعوى ، يدلك على ذلك حديث موسى (ع) فإنهم طلبوا الحبال و العصي و التمسوا المهلة و التهيئة و موسى (ع) من غير تهيئة و بدون مهلة ألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين فأكلت حبالهم و عصيهم واقعا ثم عادت عصا كما كانت قبلا لذا ألقى السحرة ساجدين ، قالوا آمنا برب العالمين رب موسى و هارون و بقولنا عادة يخرج ما يمتنع عقلا صدوره على يد البشر لأن الممتنع عقلا لا يمكن وجوده و لا صدوره .

 

قول بعضهم لماذا أهملت أمريكا عن ارسال رسول إليها

 

س 80 : يقول بعض الناس لماذا أهملت قارة أمريكا و هي قارة عظيمة فلم يبعث الله فيها رسولا و لم تبلغها دعوة من نبي أو رسول إلى حين اكتشافها ؟

ج 80 : إن الحكم جزما بنفي ارسال رسول إلى قارة أميركا يحتاج مدعيه إلى إقامة البرهان العلمي على هذا النفي الكلي إذا لا يمكن أن يعتمد فيه على الحدس و هوى النفس فإن شيئا من ذلك لا يفيد العلم بمثل هذا النفي و لا يكفي الجهل في إثبات هذه الدعوى فما هو البرهان القاطع الذي رجع إليه هذا القائل في إثبات مدعاة و لا يصح الاحتجاج لها بخلو بعض كتب التاريخ الرائجة من ذكر أمريكا و ذلك لجواز أن تكون أميركا يومئذ مسكونة بل اتفق العبور إليها من جزر اليابان أو من بوغاز بيرين أو غيرها كما جاء ذكر عبور جماعة من (ايسلاند إلى كريلاند) من أميركا في القرن الثامن أو التاسع لميلاد المسيح (ع) أو لأن

 

ذكر أميركا لم يدخل في صفحات تلك الكتب أو لأن ذكرها ساقط منها ، و أما خلو القرآن عن ذكرها فلأن التصريح بذكر أميركا و نبواتها مما يتنافى و حكمة القرآن و مداراته لجهل الناس و لكنه بعد أن جاء على ذكر الرسل قال في سورة النساء آية 164 { و رسلاً قد قصصناهم عليك من قبل و رسلاً لم نقصصهم عليك } و قال في سورة غافر آية 78 { و لقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك } و في هذا دلالة واضحة على أن كتاب الله لم يأت على ذكر جميع الرسل و لكن المؤمن المعترف بعموم رحمة الله و لطفة و قيام حجته على عباده يجب أن يعتقد و لو إجمالا بشمول الرحمة و اللطف و قيام الحجة على أهل أميركا و إن جهل وجه ذلك تفصيلا .

 

معجزات النبي محمد (ص)

 

س 81 : ما هي المعجزات التي ظهرت على يد النبي محمد (ص) ؟

ج 81 : المعجزات التي ظهرت على يد النبي (ص) كثيرة لا ضبط لها و لا حصر ، دعك عنك إخباره بالمغيبات كقوله (ص) لعمار" تقتلك الفئة الباغية " على ما تواتر به الحديث و قد قتل مع علي بن أبي طالب (ع) يوم صفين قتلته الفئة الباغية و قوله (ص) لعلي (ع) " يقتلك شبيه عاقر الناقة " و قد قتله أشقى الأشقياء عبدالرحمن بن ملجم ، و دع عنك تكلمه مع الحيوانات على ما سجله الحافظ في مستدركه ص 620 من جزئه الثاني و غيره متواتر و تسبيح العصا بكفه و إشباع الكثير من الناس بالقليل من الطعام و إطاعة الشمس له بالتوقف عن الغروب و الشجرة بانتقالها من مكانها و وقوفها بين يديه و تسليم الأحجار عليه ، ودع عنك حديث شق القمر  الذي نطق به القرآن و تظلله بالغمام و نزول الغيث بدعائه و انفجار البئر المالحة بالماء السائغ العذب و وجود خاتم النبوة بين كتفيه و عدم رسم ظله في الأرض و نبع الماء من بين أصابعه لسقى العطاش و إحيائه الموتى و شفاء المرضى و دع عنك حديث المعراج و أخباره بما في السموات العلى دع عنك هذا و غيرها من آلاف المعاجز التي

 

سجلها الحفاظ و المؤرخون في صحاحهم و تواريخهم و دع عنك قول القائل بأنها كسائر معجزات الأنبياء تحتاج في عصر حدوثها فضلا عن هذه العصور إلى النقل الذي يعتريه كما يعتري سائر النقول مثلها من الخدشة في التواتر و المكابرة فيه بدعوى انقطاعه أو التشكيك في حقيقته المنقول و إن كانت في نفس الأمر و الواقع أبعد عن التشكيك في نقلها و حقيقتها و أقوى على مر الأزمان من سائر معجزات الأنبياء (ع) المحكية بغير ما حكاه القرآن دع عنك هذا كله و انظر إلى ذاته (ص)  و أحواله و إلى أقواله و أفعاله تجد كلها معجز و كفى معجزا أنه (ص) نشأ يتيما من الأبوين ضعيفا في أرض قاحلة بين قوم أميين لا يعرفون كتابا و لا حكمة و لا شيئا من المعارف و لم يمارس علما و لا قرأ على أحد من العلماء و لا نظر في كتاب و قد جاء بما أبهر العقول و حير ذوي المعقول و المنقول من مكارم الأخلاق و محاسن الصفات و فواضل الأدب و عيون الحكم و قوانين الحقوق و الأحكام و الجنايات و غيرها لو أخذ المسلمون بها و عملوا على طبقه و تطبيقه لسادوا العالم بأسره و لكنهم كما قال الشاعر العربي :

                               نرقع دنيانا بتمزيق ديننا        فلا ديننا يبقى و لا ما نرقع 

 

و قرآنه الكريم الذي هو المعجز الخالد إلى يوم القيامة و يتجدد و تتجدد معجزاته على كر الدهور و مر القرون و كلما أضاء نور العلم أدرك الناس منه الخفايا الكامنة و عرفوا أسرار أحكامه فليس إعجازه من حيث الفصاحة و البلاغة و حسن الأسلوب و أمثالها  فحسب بل من حيث اللفظ و المعنى و عدم الاختلاف فيه و اشتماله على الأخبار و الحوادث و المغيبات و الأمور التي كانت بعد نزوله و العلوم التي اكتشفت في القرون المتأخرة و ظواهر آياته و بيان معرفة الباري تعالى و أسمائه و صفاته و حكمه و مواعظه و الآداب الكريمة  و غير ذلك من القوانين التي لم تظهر الحضارة الصحيحة في العالم إلا بها كأحكام الحلال و الحرام و العقود و المعاملات و الحدود و أمثالها التي بها ينتظم نظام العالم و تنحل مشكلاته الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و بها تتسق أمور العمران و تستتب أسباب الارتقاء و تثبت روح الإخاء و تبزغ شموس السعادة و يزول الشقاء و

 

تحيى بها موات القلوب و تصلح فسادها و يحظى بها البشر كل نوع من أنواع التمدن و الرقي إلى غير ذلك من الفوائد التي يعجز اللسان عن تعديدها و القلم عن تحديها و لو جرى الناس على منوالها لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم { وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا } وإذا كان الإسلام لا يمكن تطبيقه و لا يكون تقدميا كما يزعم أعداؤه فكيف تقدمت أوائله و أمكن تطبيقه حتى امتد سلطانه إلى ما وراء الترك إلى تخوم الهند و الصين و أفريقيا و الأندلس و غيرها من الشرق و الغرب كما يحدثنا بذلك التاريخ الصحيح و إذا كان ذنب المسلم اليوم جهله بأن دينه خير مبدأ و خير نظام يصلح لكل جيل و زمان يتمشى مع العقل السليم و العلم الصحيح جنبا إلى جنب في جميع مرافق الحياة فليس على الإسلام من ذنب مسلم جاهل به و يقول القرآن { ولو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليه بركات من السماء و الأرض و لكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون } و يقول الشاعر العربي :

         

يقولون  في  الإسلام ظلما بأنه        يصد ذويه عن سبيل  التقدم

فإن كان ذا عدلا فكيف تقدمت       أوائله  في   عصرها المتقدم

وإن كان ذنب المسلم اليوم جهله       فماذا على الإسلام من جهل مسلم

 

في طريق تحصيل العلم بمعجزاته (ص)

 

س 82 : من أين يحصل لنا العلم بصدور هذه المعجزات لتدلن على نبوته ؟

ج 82 : حصل لنا العلم بها بالتواتر .

 

في التواتر و معناه

 

س 83 : ما حد التواتر ؟

ج 83 : التواتر هو إخبار جماعة كثيرة يمتنع عند العقل عادة تواطؤهم على الكذب .

 

س 84 : إلى كم ينقسم التواتر ؟

ج 84 : ينقسم التواتر إلى قسمين :

  التواتر اللفظي و هو اتفاق المخبرين كلهم على لفظ واحد كإخبار الألوف من الناس لنا بوجود مكة و بغداد و مصر فيحصل لنا  العلم بوجودها و إن لم نرها .

   

التواتر المعنوي ، و هو اتفاق المخبرين على شيء واحد من حيث المعنى و إن اختلفت ألفاظهم كإخبار الألوف من الناس عن كرم حاتم مثلا كما لو أخبر جماعة بأنه ذبح لضيافة بعيرا و آخرون بأنه ذبح لهم ناقة و آخرون بأنه ذبح لهم شاة أو أنه ذبح لهم فرسه أو أنه أعطى زيدا ألف دينار و أعطى بكرا عشرين ثوبا إلى غير ذلك فإنه يحصل لنا العلم بأنه كريم فإن هذه الأخبار و إن كان كل واحد منها غير متواتر في نفسه لكنها على شيء واحد ، كل واحد منها يدل عليه و ذلك الشيء الواحد هو الكرم .

في تواتر معجزات النبي (ص) معنى

 

س 85 : معجزات النبي (ص) هل هي متواترة لفظا أو معنى ؟

ج 85 : معجزات النبي (ص) متواترة معنى فإنه حصل لنا العلم من كثرة المخبرين عنها أنه صدر منه ما هو خارق للعادة و إن لم يحصل لنا العلم بكل واحدة من تلك المعجزات بخصوصها .

 

س 86 : هل بقي من معجزات النبي (ص) شيء إلى الآن ؟

ج 86 : نعم بقي منها إلى الآن معجزتان خالدتان باقيتان ببقاء الليل و النهار و هما أهم معجزاته و دلائل نبوته .

 

س 87 : ما هي المعجزة الأولى منهما ؟

ج 87 : المعجزة الأولى منهما وضعه للشريعة الإسلامية المطابقة للحكمة و الموافقة لحاجة الناس في كل عصر و زمان في مدة قصيرة كان مشغولا فيها بالحروب و دفع غائلة الأعداء و سياسة الناس و قبل ذلك كان مشغولا بالكسب و تحصيل المعاش مع كونه لم يباشر قراءة و لا كتابة و نشأ بين قوم لا نصيب لهم من العلوم و لا حظ عندهم بشيء من الحضارة و ذلك مما يعجز عنه البشر عادة و لا حدثنا التاريخ عن مثله فلا يكون ذلك إلا بتعليم إلهي .

 

س 88 : ما هي المعجزة الثانية ؟

ج 88 : المعجزة الثانية هي القرآن العظيم الذي عجزت فصحاء العرب و بلغائهم عن الإتيان بمثله أو معارضته و هم أصحاب الفصاحة و معدن البلاغة و قد طلب منهم أن يعارضوه و يأتو بمثله فقال تعالى { و إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله } و قال تعالى { قل لئن اجتمعت الإنس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا } فلو كانوا قادرين على معارضته و الإتيان بمثله لعارضوه و لأتوا بمثله و لو كان ذلك صادرا منهم لأشتهر و وصل إلينا و من حيث أنهم عجزوا عن معارضته و الإتيان بمثله إذ العاقل لا يترك أسهل الأمور و يختار أصعبها .

 

النبي كان قادرا على القراءة و الكتابة

 

س 89 : هل كان النبي يقرأ و يكتب ؟

ج 89 : إن نبينا (ص) كان قادرا على القراءة  و الكتابة لأنهما صفتا كمال و هو أكمل الموجودات فلو لم يكن قادرا عليهما كان غيره أكمل منه في هذين الوصفين و قد ثبت أن الشخص لا يكون نبيا إلا أن يكون أكمل أهل زمانه في جميع الصفات و إنما سمي أميا لنسبته إلى أم القرى مكة و لا يجب من قدرته عليهما ألا يمتنع من فعلهما إذا اقتضت الحكمة فإن الله تعالى قادر على فعل القبائح و لكن لا يفعل ذلك لمخالفته للحكمة و كذلك أحدنا يقدر على فعلها و لكن قد لا يفعلها فالقدرة عليها شيء و عدم فعلها شيء آخر لا تلازم بينهما في الخارج .

 

بماذا كان يتعبد النبي (ص)

 

س 90 : بأي شريعة كان نبينا محمد (ص) يتعبد قبل أن يرسل ؟

ج 90 : الصحيح أنه كان نبينا في علم الله و آدم بين الماء و الطين ثم بعد أربعين سنة من عمره (ص) صار رسولا للدعوة كما هو الظاهر من أخبار كثيرة ة لأنه لو لم يكن نبيا لوجب أن يتبع أوصياء الأنبياء و هو أفضل منهم و من أنبيائهم و يلزم أن يكون مفضولا و كذلك بالنسبة إلى النبي الذي يعمل بشريعته فإنه (ص) أفضل منه و من غيره من الأنبياء (ع) كما هو عقيدة كل مسلم .

قول بعضهم القرآن لا يكفي في الإعجاز و فساده

 

س 91 : يقول بعض الناس أن القرآن لا يكفي في إثبات نبوة النبي (ص) باعتبار فصاحته و بلاغته و ذلك لأن العرب إما يكونوا عارفين بفصاحته و بلاغته أو لا فإن كانوا عارفين بها فلا يصح أن تنسبوا إليهم العجز عن الإتيان بمثله و تلك قضية القدرة على الشيء و على مثله و إن لم يكونوا عارفين بهما فلا حجة في تصديقهم به لأنها غير مسبوقة بالتصور و المعرفة إذ كل تصديق لم ينشأ عنهما فلا حجة فيه فما يكون ردهم ؟

ج 91 : إن تصديقهم به كان مع التصور و المعرفة و لكن لا يجب في حجية التصديق به أن يعرفوا ذلك على وجه التفصيل بل يكفي أن يعرفوا ذلك إجمالا و هم كانوا عارفين به لذلك لم يستطيعوا الإتيان بمثل القرآن فآمن به قوم و جحده آخرون ظلماً و عنادا و هذا يجري في جميع الفنون و العلوم ألا ترى أن أحدنا لو رأى قصرين شامخين و كان أحدهما أجمل فإنه يرجح الأجمل على الآخر و إن لم يكن من فنه البناء و لا قادرا عليه بالتفصيل و هكذا الحال فيما عداه من الفنون على اختلافها و من هذا القبيل القرآن فإنهم كانوا قادرين على الإتيان بمثل نوعه و لكنهم عجزوا عن الإتيان بمثل شخصه و حسبك هذا برهان واضح على إعجازه و ثبوت حجيته القاطعة .

التوحيد 

 العدل